وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قَالَ يا قوم أرهطي ﴾
"أرَهْطِيَ" رفع بالابتداء ؛ والمعنى أرهطي في قلوبكم ﴿ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ الله ﴾ وأعظم وأجل وهو يملككم.
﴿ واتخذتموه وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً ﴾ أي اتخذتم ما جئتكم به من أمر الله ظهرياً ؛ أي جعلتموه وراء ظهوركم، وامتنعتم من قتلي مخافة قومي ؛ يقال : جعلت أمره بِظهرٍ إذا قصرت فيه، وقد مضى في "البقرة"، ﴿ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي من الكفر والمعصية.
﴿ مُحِيطٌ ﴾ أي عليم.
وقيل : حفيظ.
قوله تعالى :﴿ وياقوم اعملوا على مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ تهديد ووعيد ؛ وقد تقدّم في "الأنعام".
﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ﴾ أي يهلكه.
و"من" في موضع نصب، مثل ﴿ يَعْلَمُ المفسد مِنَ المصلح ﴾ [ البقرة : ٢٢٠ ] ﴿ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ ﴾ عطف عليها.
وقيل : أي وسوف تعلمون من هو كاذب منا.
وقيل في محل رفع ؛ تقديره : ويخزي من هو كاذب.
وقيل : تقديره ومن هو كاذب فسيعلم كذبه، ويذوق وبال أمره.
وزعم الفرّاء أنهم إنما جاؤوا ب"هو" في "وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ" لأنهم لا يقولون مَن قائم ؛ إنما يقولون : مَن قام، ومَن يقوم، ومَن القائم ؛ فزادوا "هو" ليكون جملة تقوم مقام فعل ويفعل.
قال النحاس : ويدل على خلاف هذا قوله :
مَنْ رَسُولِي إلى الثُّرَيّا بِأَنِّي...
ضِقْتُ ذَرْعاً بِهَجْرِهَا والكتابِ
﴿ وارتقبوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ﴾ أي انتظروا العذاب والسخطة، فإني منتظر النصر والرحمة.
قوله تعالى :﴿ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا ﴾ قيل : صاح بهم جبريل صيحة فخرجت أرواحهم من أجسادهم ﴿ نَجَّيْنَا شُعَيْباً والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾ أي صيحة جبريل.
وأنث الفعل على لفظ الصيحة، وقال في قصة صالح :﴿ وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة ﴾ [ هود : ٦٧ ] فذكّر على معنى الصياح.


الصفحة التالية
Icon