وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ﴾ في ﴿ صلاتك ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : قراءتك، قاله الأعمش.
الثاني : صلاتك التي تصليها لله تعبّداً.
الثالث : دينك الذي تدين به وأمرت باتباعه لأن أصل الصلاة الاتباع، ومنه أخذ المصلي في الخيل. ﴿ تأمرك ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : تدعوك إلى أمرنا.
الثاني : فيها أن تأمرنا أن نترك ما يعبد آباؤنا يعني من الأوثان والأصنام.
﴿ أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : ما كانوا عليه من البخس والتطفيف.
الثاني : الزكاة، كان يأمرهم بها فيمتنعون منها، قاله زيد بن أسلم وسفيان الثوري.
الثالث : قطع الدراهم والدنانير لأنه كان ينهاهم عنه، قال زيد بن أسلم. ﴿ إنك لأنت الحليم الرشيد ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنهم قالوا ذلك استهزاء به، قاله قتادة.
الثاني : معناه أنك لست بحليم ولا رشيد على وجه النفي، قاله ابن عباس.
الثالث : أنهم اعترفوا له بالحلم والرشد على وجه والحقيقة وقالوا أنت حليم رشيد فلِم تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟ والحلم والرشد لا يقتضي منع المالك من فعل ما يشاء في ماله، قال ابن بحر.
قوله عز وجل :﴿ قال يا قوم أرأيتُم إن كُنتُ على بيِّنةٍ من ربي ﴾ قد ذكرنا تأويله. ﴿ ورزقني منه رِزقاً حسناً ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : أنه المال الحلال، قاله الضحاك.
قال ابن عباس وكان شعيب كثير المال.
الثاني : أنه النبوة، ذكره ابن عيسى، وفي الكلام محذوف وتقديره، أفأعدل مع ذلك عن عبادته.
ثم قال
﴿ وما أريدُ أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ﴾ أي لا أفعل ما نهيتكم عنه كما لا أترك ما أمرتكم به.
﴿ إنْ أريد إلا الإصلاح ما استطعت ﴾ ومعناه ما أريد إلا فعل الصلاح ما استطعت، لأن الاستطاعة من شرط الفعل دون الإرادة.
﴿ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلْتُ وإليه أُنيب ﴾ فيه وجهان :