أقرب إلى الإمكان، وكأنهم - والله أعلم - أشاروا إلى أنه كلام غير منتظم فلا حاصل له ولا لمضمونه وجود في الخارج.
ولما كان في ذلك إشارة إلى أنه ضعيف العقل لأن كلامة مثل كلام المجانين، أتبعوه قولهم :﴿وإنا لنراك﴾ أي رؤية مجددة مستمرة ﴿فينا ضعيفاً﴾ أي في البدن وغيره، فلا تتعرض لسخطنا فإنك لا تقدر على الامتناع من مكروه نحله بك بقوة عقل ولا جسم ولا عشيرة، وأشاروا إلى ضعف العشيرة بتعبيرهم بالرهط في قولهم :﴿ولولا رهطك لرجمناك﴾ أي قتلناك شر قتلة - فإن الرهط من ثلاثة إلى عشرة وأكثر ما قيل : إن فخذه أربعون - فما أنت علينا بممتنع لضعفك وقلة قومك ﴿وما أنت﴾ أي خاصة، لأن " ما " لنفي الحال اختصاص بالزمان، والقياس أن يكون مدخولها فعلاً أو شبهه، وحيث أوليت الاسم لا سيما الضمير دل على أن التقديم للاهتمام والاختصاص ﴿علينا بعزيز﴾ بكريم مودود، تقول : أعززت فلاناً - إذا كان له عندك ود، بل قومك هم الأعزة عندنا لموافقتهم لنا، ولو كان المراد : ما عززت علينا، لكان الجواب : لم لا أعز وقد شرفني الله - أو نحو هذا، ويصح أن يراد بالعزيز القوي الممتنع، ويصير إفهامه لامتناع رهطه محمولاً على أن المانع لهم موافقتهم لهم لا قوتهم ؛ والفقه : فهم الكلام على ما تضمن من المعنى، وقد صار اسماً لضرب من علوم الدين، وأصل الرهط : الشدة، من الترهيط لشدة الأكل، ومنه الراهطاء : جحر اليربوع لشدته وتوثقه ليخبأ فيه ولد. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٥٦٨ ـ ٥٧٠﴾