ولما تقدم قولهم ﴿ما يحبسه﴾ كان كأنه قيل في الرد عليهم : نحن قادرون على تعجيله، وهو - كما أشرنا إليه في هذه الآية - عندنا متى شئنا في غاية السهولة :﴿وما نؤخره﴾ أي اليوم أو الجزاء مع ما لنا من العظمة والقدرة التامة على إيجاده لشيء من الأشياء ﴿إلا لأجل﴾ أي لأجل انتهاء أجل ﴿معدود﴾ سبق في الأزل تقديره ممن لا يبدل القول لديه وكل شيء في حكمه، فهو لا يخشى الفوت ؛ ومادة " أجل " بتراكيبها الأربعة : أجل وجأل وجلأ ولجأ تدور على المدة المضروبة للشيء، فالأجل - محركة : مدة الشيء وغاية الوقت في الموت وحلول الدين من تسمية الجزء باسم الكل، والتأجيل : تحديد الأجل، ويلزمه التأخير، ومنه أجل الشيء كفرح - إذا تأخر، والآجلة : الآخرة، وأجل الشيء - بالفتح : حبسه ومنعه، لأن الأجل حابس ومانع للمؤجل، ومنه أجلى كجمزى، وهو مرعى لهم معروف كأنه لحسنه يحبس الراعي فيه، وأجل الشر عليهم : حناه وأثاره وهيجه، ولأهله : كسب وجمع واحتال، لأن ذلك كله من لوازم ذي الأجل، أو المعنى أنه أوجد أجل ذلك، وكمقعد ومعظم : مستنفع الماء، لأنه محيط به إحاطة الأجل بالمؤجل، وأجله فيه تأجيلاً : جمعه فتأجل، والمأجل : الحوض يحبس فيه الماء، وأجلوا ما لهم : حبسوه في المرعى، والاجل - بالكسر : قطيع من بقر الوحش، تشبيهاً له في اجتماعه من حيث إنه أحصن له بالأجل لأنه - كما قيل - حصن حصين، والاجل - بالكسر أيضاً : وجع في العنق، لأنه من أسباب حلول الأجل، وأجله : داواه منه، وبالضم جمع أجيل للمتأخر وللمجتمع من الطين يجعل حول النخلة، لإحاطته بها إحاطة الأجل وتحصينه لها، وتأجل القوم : تجمعوا، لأن التجمع أحصن لهم، وأجل - بفتحتين ثم سكون : جواب كنعم وزناً ومعنى إلا أنه أحسن منه في التصديق، ونعم منه في الاستفهام، وحقيقة ذلك الإخبار بأن أجل - أي وقت - ذلك الفعل الموجب أو المستفهم عنه قد حضر، وفعلت ذلك من أجلك - من غير