﴿ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ ﴾ [ الأعراف : ٥٩ ].
ثم يختلف الأمر بعد ذلك من رسول لآخر، فمنهم من يأمر قومه ألا يعبدوا الأصنام ؛ ومنهم من يأمر قومه ألا ينقصوا الكيل والميزان.
وهكذا نجد في كل لقطة مع كل رسول علاج داء من داءات تلك الأمة، أما الإسلام فقد جاء ليعالج داءات البشرية كلها ؛ لذلك جمعت كل القيم الفاضلة في القرآن كمنهج للبشرية.
لذلك فالحق سبحانه لا يقص علينا القصص القرآني للتسلية، أو لقتل الوقت، أو لتعلم التاريخ ؛ ولكن لنلتقط العبرة من رسالة كل رسول إلى أمته التي بعث إليها ليعالج داءها.
وبما أن أمة محمد ﷺ ستكون آخر عهدٍ لالتقاء البشر بالبشر، وستكون فيها كل أجواء وداءات الدنيا، لذلك فعليهم التقاط تلك العبر ؛ لأن رسالتهم تستوعب الزمان كله، والمكان كله.
والحق سبحانه هنا يقول :
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى الكتاب فاختلف فِيهِ ﴾ [ هود : ١١٠ ].
ونحن نعلم أنه إذا تقدم أمران على ضمير الغيبة ؛ فيصح أن يعود الضمير إلى كل أمر منهما.
وقوله سبحانه :﴿ فاختلف فِيهِ ﴾ [ هود : ١١٠ ].
يصح أن يكون الاختلاف في أمر موسى، ويصح أن يكون الاختلاف في أمر الكتاب، والخلاف في واحد منهما يؤدي إلى الخلاف في الآخر ؛ لأنه لا انفصال بين موسى عليه السلام، والكتاب الذي أنزله الله عليه.
وهكذا فالأمران يلتقيان : أمر الرسالة في الكتاب، وأمر الرسول في الاصطفاء ؛ ولذلك لم يجعلهما الحق سبحانه أمرين، بل هما أمر واحد ؛ لأن الرسول لا ينفصل عن منهجه.
وقوله الحق :﴿ آتَيْنَا موسى الكتاب ﴾ [ هود : ١١٠ ] أمر يتعلق بفعل الحق سبحانه، ولله ذات، ولله صفات، ولله أفعال.
وهو سبحانه مُنزَّه في ذاته عن أي تشبيه، ولله صفات، وهي ليست ككل الصفات، فالحق سبحانه موجود، وأنت موجود، لكن وجوده قديم أزليٌّ لا ينعدم، وأنت موجود طارىء ينعدم.
ونحن نأخذ كل ما يتعلق بالله سبحانه في إطار :


الصفحة التالية
Icon