ولذلك يأمرنا الحق سبحانه بالاستقامة وعدم الطغيان ؛ استقامة في تحديد المأمور به والمنهي عنه ؛ ولذلك كان الاحتياط في أمر العبادات أوسع لمن يطلب الاستقامة.
ويقول رسول الله ﷺ :" الحلال بيِّن، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ".
ولذلك يطلب الشارع الحكيم سبحانه منا في الاحتياط أن نحتاط مرة بالزيادة، وأن نحتاط بمرة بالنقص، فحين تصلي خارج المسجد الحرام، يكفيك أن تكون جهتك الكعبة، أما حين تصلي في المسجد الحرام، فأنت تعلم أن الكعبة قسمان : قسم بنايته عالية، وقسم اسمه " الحطيم " وهو جزء من الكعبة، لكن نفقتهم أيام رسول الله ﷺ قد قصرت ؛ فلم يبنوه.
لذلك فأنت تتجه ببصرك إلى البناء العالي المقطوع بكعبيته، وهذا هو الاحتياط بالنقص.
أما الاحتياط بالزيادة، فمثال ذلك : هو الطواف، وقد يزدحم البشر حول الكعبة، ولا تسمح ظروفك إلا بالطواف حول المسجد.
وهكذا يطول عليك الطواف، لكنه طواف بالزيادة فعند الصلاة يكون الاحتياط بالنقص، أما عند الطواف فيكون الاحتياط بالزيادة.
وهكذا نجد الاحتياط هو الذي يحدد معنى الاستقامة.
ويُنهي الحق سبحانه الآية بقوله تعالى :
﴿ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [ هود : ١١٢ ].
وفي الآية السابقة قال سبحانه :﴿ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [ هود : ١١١ ].
وعلمنا معنى الخبير، أما المقصود بالبصير هنا فهو أنه سبحانه يعلم حركة العبادة ؛ لأن حركة العبادة مرئية.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك :﴿ وَلاَ تركنوا إِلَى الذين ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ﴾
والكافرون كما نعلم قد عرضوا على رسول الله ﷺ أن يعبد آلهتهم سنة، وأن يعبدوا هم الله سنة، ولكن الحق سبحانه قطع وفصل في هذا الأمر.
ويأتي هنا توكيد هذا الأمر ؛ فيقول سبحانه :


الصفحة التالية
Icon