هذا في المتواتر، وأمَّا في الشاذ، فقد قرىء أربعُ قراءاتٍ أُخَر، إحداها : قراءةُ أُبَيّ والحسن وأبان بن تغلب " وإنْ كل " بتخفيفها، ورفع " كل "، " لَمَّا " بالتشديد، الثانية : قراءة اليزيدي وسليمان بن أرقم :" لمَّاً " مشددة منونة، ولم يتعرَّضوا لتخفيف " إنَّ " ولا لتشديدها. الثالثة : قراءة الأعمش وهي في حرف ابن مسعود كذلك :" وإنْ كلٌّ إلا " : بتخفيفِ " إنْ " ورفع " كل ". الرابعة. قال أبو حاتم :" الذي في مُصْحف أبي ﴿ وإنْ مِنْ كلٍ إلا لَيُوَفِّيَنَّهم ﴾.
هذا ما يتعلَّق بها من جهة التلاوة، أمَّا ما يتعلق بها من حيث التخريجُ فقد اضطرب الناسُ فيه اضطراباً كثيراً، حتى قال أبو شامة :" وأمَّا هذه الآيةُ فمعناها على القراءات من أشكلِ الآيات، وتسهيلُ ذلك بعون اللَّه أنْ أذكرَ كلَّ قراءةٍ على حِدَتِها وما قيل فيها.
فأمَّا / قراءةُ الحَرَمِيَّيْن ففيها إعمال إنْ المخففة، وهي لغة ثانية عن العرب. قال سبويه :" حَدَّثَنا مَنْ نثق به أنه سَمع مِن العرب مَنْ يقول :" إنْ عمراً لمنطلقٌ " كما قالوا :

٢٧١١....................... كأن ثَدْيَيْهِ حُقَّانِ
قال :" ووجهُه مِن القياس أنَّ " إنْ " مُشْبِهَةٌ في نصبها بالفعل، والفعلُ يعمل محذوفاً كما يَعْمل غيرَ محذوف نحو :" لم يكُ زيد منطلقاً " ﴿ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ ﴾ [ هود : ١٠٩ ] وكذلك لا أَدْرِ ". قلت : وهذا مذهبُ البصريين، أعني أنَّ هذه الأحرفَ إذا خُفِّف بعضُها جاز أن تعملَ وأن تُهْمَلَ ك " إنْ "، والأكثر الإِهمالُ، وقد أُجْمع عليه في قوله :﴿ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا [ مُحْضَرُونَ ] ﴾، وبعضُها يجب إعمالُه ك " أنْ " بالفتح و " كأنْ "، ولكنهما لا يَعْملان في مُظْهَرٍ ولا ضميرٍ بارزٍ إلا ضرورةً، وبعضُها يَجِبُ إهمالُه عند الجمهور ك " لكن ".


الصفحة التالية
Icon