٢٧١٦ وإنَّا لمِنْ ما نَضْرِبُ الكبشَ ضَرْبَةً على رأسِه تُلقي اللسانَ من الفم
وبقول الآخر :
٢٧١٧ وإني لَمِنْ ما أُصْدِرُ الأمرَ وجهَه إذا هو أَعْيا بالسبيل مصادرُهْ
قلت : وقد تقدَّم في سورة آل عمران في قراءة مَنْ قرأ ﴿ وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النبيين لَمَآ آتَيْتُكُم ﴾ [ آل عمران : ٨١ ] بتشديد " لمَّا " أن الأصل :" لمن ما " فَفُعل فيه ما تقدَّم، وهذا أحد الأوجه المذكورة في تخريج هذا الحرف في سورته، وذكرْتُ ما قاله الناسُ فيه، فعليك بالنظر فيه.
وقال أبو شامة :" وما قاله الفراء استنباطٌ حسنٌ وهو قريبٌ من قولهم :﴿ لَّكِنَّ هُوَ الله رَبِّي ﴾ [ الكهف : ٣٨ ] إن أصله : لكن أنا، ثم حُذِفت الهمزة، وأُدْغِمَتِ النونُ في النون، وكذا قولهم :" أمَّا أنت منطلقاً انطلقت، قالوا : المعنى لأِنْ كنتَ منطلقاً ". قلت : وفيما قاله نظرٌ ؛ لأنه ليس فيه حَذْفٌ البتةَ، وإنما كان يَحْسُنُ التنظيرُ أن لو كان فيما جاء به إدغامٌ، ثم حُذف، وأمَّا مجرَّدُ التنظير بالقلبِ والإِدغامِ فغيرُ طائلٍ.
ثم قال أبو شامة :" وما أحسنَ ما استخرج الشاهد من البيت " يعني الفراء، ثم الفراء أراد أن يجمع بين قراءتَي/ التخفيف والتشديدِ مِنْ " لمَّا " في معنى واحد فقال :" ثُمَّ تُخَفَّفُ كما قرأ بعض القراء ﴿ والبغي يَعِظُكُمْ ﴾ [ النحل : ٩٠ ]. بحذف الياء عند الياء، أنشدني الكسائي :
٢٧١٨ وأَشْمَتَّ العُداةَ بنا فأَضْحَوا لَدَيْ يَتباشَرُون بما لَقِينا
فحذف ياءَه لاجتماع الياءات ". قلت : الأَوْلى أن يُقال : حُذِفت ياءُ الإِضافة مِنْ " لديّ " فبقيت الياءُ الساكنةُ قبلَها المنقلبةُ من الألف في " لدى " وهو مِثْلُ قراءةِ مَنْ قرأ ﴿ يابني ﴾ بالإِسكان على ما سَبَق، وأمَّا الياء مِنْ " يتباشرون " فثابتةٌ لدلالتها على المضارعة.
ثم قال الفراء :" ومثلُه :


الصفحة التالية
Icon