السابع : أنَّ " إنْ " نافيةٌ بمنزلة " ما "، و " لمَّا " بمعنى " إلا " فهي كقوله :﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا ﴾ [ الطارق : ٤ ] أي : ما كلُّ نفسٍ إلا عليها، ﴿ وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ﴾ [ الزخرف : ٣٥ ] أي : ما كل ذلك إلا متاع/. واعتُرِض على هذا الوجه بأنَّ " إنْ " النافية لا تَنْصِبُ الاسمَ بعدها، وهذا اسمٌ منصوب بعدها. وأجاب بعضهم عن ذلك بأن " كلاً " منصوبٌ بإضمار فعلٍ، فقدَّره قومٌ منهم أبو عمر ابن الحاجب : وإنْ أرى كلاً، وإن أعلمُ، ونحوه، قال :" ومِنْ ههنا كانت أقلَّ إشكالاً مِنْ قراءة ابن عامر لقبولها هذا الوجهَ الذي هو غيرُ مستبعَدٍ ذلك الاستبعاد، وإن كان في نصب الاسم الواقع بعد حرف النفي استبعادٌ، ولذلك اختلُفِ في مثلِ قوله :

٢٧٢٤ ألا رجلاً جزاه اللَّه خيراً يَدُلُّ على مُحَصِّلةٍ تَبيتُ
هل هو منصوب بفعلٍ مقدَّر أو نُوِّن ضرورةً؟ فاختار الخليلُ إضمارَ الفعلِ، واختار يونس التنوين للضرورة "، وقدَّره بعضهم بعد " لمَّا " مِنْ لفظ " ليُوَفِّينَّهم " والتقدير : وإن كلاً إلا ليوفِّيَنَّ ليوفِّينَّهم. وفي هذا التقدير بُعْدٌ كبيرٌ أو امتناع ؛ لأنَّ ما بعد " إلا " لا يعمل فيما قبلها. واستدلَّ أصحابُ هذا القول أعني مجيء " لَمَّا " بمعنى " إلا " بنص الخليل وسيبويه على ذلك، ونصره الزجاج، قال بعضهم :" وهي لغة هُذَيْل يقولون : سألتك باللَّه لمَّا فعلت أي : إلا فعلت ". وقد أنكر الفراء وأبو عبيد ورودَ " لمَّا " بمعنى إلا، قال : أبو عبيد :" أمَّا مَنْ شدَّد " لمَّا " بتأويل " إلا " فلم نجدْ هذا في كلامِ العرب، ومَنْ قال هذا لزمه أن يقولَ :" قام القوم لمَّا أخاك " يريد : إلا أخاك، وهذا غيرُ موجودٍ ".


الصفحة التالية
Icon