قال المفسرون : نزلت هذه الآية في رجل أتى النبي ﷺ فقال : ما تقولون في رجل أصاب من امرأة محرمة كلما يصيبه الرجل من امرأته غير الجماع، فقال عليه الصلاة والسلام :" ليتوضأ وضوءاً حسناً ثم ليقم وليصل " فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقيل للنبي عليه الصلاة والسلام : هذا له خاصة، فقال :" بل هو للناس عامة " وقوله :﴿وَزُلَفاً مِّنَ الليل﴾ قال الليث : زلفة من أول الليل طائفة، والجمع الزلف.
قال الواحدي : وأصل الكلمة من الزلفى والزلفى هي القربى، يقال : أزلفته فازدلف أي قربته فاقترب.
المسألة الرابعة :
قال صاحب "الكشاف" : قرىء ﴿زلفاً﴾ بضمتين و ﴿زلفاً﴾ بإسكان اللام وزلفى بوزن قربى فالزلف جمع زلفة كظلم جمع ظلمة والزلف بالسكون نحو بسرة وبسر والزلف بضمتين نحو : يسر في يسر، والزلفى بمعنى الزلفة كما أن القربى بمعنى القربة وهو ما يقرب من آخر النهار من نحو : يسر في يسر، والزلفى بمعنى الزلفة كما أن القربى بمعنى القربة وهو ما يقرب من آخر النهار من الليل، وقيل في تفسير قوله :﴿وَزُلَفاً مِّنَ الليل﴾ وقرباً من الليل، ثم قال :﴿إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
في تفسير الحسنات قولان : الأول : قال ابن عباس : المعنى أن الصلوات الخمس كفارات لسائر الذنوب بشرط الاجتناب عن الكبائر.
والثاني : روي عن مجاهد أن الحسنات هي قول العبد سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
المسألة الثانية :
احتج من قال إن المعصية لا تضر مع الإيمان بهذه الآية وذلك لأن الإيمان أشرف الحسنات وأجلها وأفضلها.
ودلت الآية على أن الحسنات يذهبن السيئات، فالإيمان الذي هو أعلى الحسنات درجة يذهب الكفر الذي هو أعلى درجة في العصيان فلأن يقوى على المعصية التي هي أقل السيئات درجة كان أولى، فإن لم يفد إزالة العقاب بالكلية فلا أقل من أن يفيد إزالة العذاب الدائم المؤبد.


الصفحة التالية
Icon