وقال أبو حيان :
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ﴾
الزلفة قال الليث : طائفة من أول الليل، والجمع الزلف، وقال ثعلب : الزلف أول ساعات الليل، واحدها زلفة.
وقال أبو عبيدة، والأخفش، وابن قتيبة، الزلف ساعات الليل وآناؤه، وكل ساعة زلفة.
وقال العجاج :
ناح طواه الأين مما وجَفَا...
طيَّ الليالي زلفاً فزلفا
سماؤه الهلال حتى احقوقنا...
وأصل الكلمة من الزلفى وهي القربة، ويقال : أزلفه فازدلف أي قربه فاقترب، وأزلفني أدناني.
﴿ وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكر للذاكرين.
واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ﴾
: سبب نزولها ما في صحيح مسلم من حديث الرجل الذي عالج امرأة أجنبية منه، فأصاب منها ما سوى إتيانها فنزلت.
وقيل : نزلت قبل ذلك، واستعملها الرسول ( ﷺ ) في قصة هذا الرجل فقال رجل : أله خاصة؟ قال :"لا، بل للناس عامة" وانظر إلى الأمر والنهي في هذه الآيات، حيث جاء الخطاب في الأمر، ﴿ فاستقم كما أمرت ﴾، وأقم الصلاة، موحداً في الظاهر، وإن كان المأمور به من حيث المعنى عاماً، وجاء الخطاب في النهي :﴿ ولا تركنوا ﴾ موجهاً إلى غير الرسول ( ﷺ )، مخاطباً به أمته، فحيث كان بأفعال الخير توجه الخطاب إليه، وحيث كان النهي عن المحظورات عدل عن الخطاب عنه إلى غيره من أمته، وهذا من جليل الفصاحة.
ولا خلاف أنّ المأمور بإقامتها هي الصلوات المكتوبة، وإقامتها دوامها، وقيل : أداؤها على تمامها، وقيل : فعلها في أفضل أوقاتها، وهي ثلاثة الأقوال التي في قوله تعالى : وأقيموا الصلاة.
وانتصب طرفي النهار على الظرف.


الصفحة التالية
Icon