وقرأ الكسائي وأبو عمرو :" وإنَّ كلاًّ لمَا " بتشديد النون وتخفيف الميم من ﴿ لما ﴾ وقرأ ابن كثير ونافع بتخفيفهما، وقرأ حمزة بتشديدهما، وكذلك حفص عن عاصم ؛ وقرأ عاصم - في رواية أبي بكر - بتخفيف " إنْ " وتشديد الميم من " لمّا " وقرأ الزهري وسليمان بن أرقم :" وإن كلاًّ لمَّاً " بتشديد الميم وتنوينها. وقرأ الحسن بخلاف :" وإنْ كلّ لما " بتخفيف " إن " ورفع " كلٌّ " وشد " لمّا " وكذلك قرأ أبان بن تغلب إلا أنه خفف " لما "، وفي مصحف أبيّ وابن مسعود " وإن كل إلا ليوفينهم " وهي قراءة الأعمش، قال أبو حاتم : الذي في مصحف أبيّ :" وإن من كل إلا ليوفينهم أعمالهم ". فأما الأول ف " إن " فيها على بابها، و" كلاًّ " اسمها، وعرفها أن تدخل على خبرها لام. وفي الكلام قسم تدخل لامه أيضاً على خبر " إن " فلما اجتمع لامان فصل بينهما ب " ما " - هذا قول أبي علي - والخبر في قوله ﴿ ليوفينهم ﴾، وقال بعض النحاة : يصح أن تكون " ما " خبر " إن " وهي لمن يعقل لأنه موضع جنس وصنف، فهي بمنزلة من، كأنه قال : وإن كلاًّ لخلق ليوفينهم ؛ ورجح الطبري هذا واختاره، اما أنه يلزم القول أن تكون " ما " موصوفة إذ هي نكرة، كما قالوا : مررت بما معجب لك، وينفصل بأن قوله :﴿ ليوفينهم ﴾ يقوم معناه مقام الصفة، لأن المعنى : وإن كلاً لخلق موفى عمله، وأما من خففها - وهي القراءة الثانية في ترتيبنا فحكم " إن " وهي مخففة حكمها مثقلة، وتلك لغة فصيحة، حكى سيبويه أن الثقة أخبره : أنه سمع بعض العرب يقول : إن عمراً لمنطلق وهو نحو قول الشاعر :
ووجه مشرق النحر... كأن ثدييه حقان
رواه أبو زيد.


الصفحة التالية
Icon