وهكذا يخفّف العقاب على المسلم فينال عقابه من النار، ولكنه لا يخلد فيها ؛ لأننا لا يمكن أن نساوي بين من آمن بالله ومن لم يؤمن بالله.
والإيمان بالله هو أكبر حسنة، وهذه الحسنة تذهب الكفر، ومن باب أولى أن تذهب ما دون الكفر.
وتساءل بعض العلماء : هل الفرائض هي الحسنات التي تذهب السيئات؟
وأجاب بعضهم : هناك أحاديث صحيحة قد وردت عن رسول الله ﷺ عن حسنات في غير الفرائض، ألم يقل رسول الله ﷺ " إن صوم يوم عرفة إلى صوم يوم عرفة يذهب السيئات ".
ألم يقل رسول الله ﷺ " إن الإنسان الذي يستقبل نعمة الله بقوله : الحمد لله الذي رزقنيه من غير حولٍ مني ولا قوة، والحمد لله الذي كساني من غير حولٍ مني ولا قوة ". وهذا القول يكفّر السيئات.
ألم يقل ﷺ " إنك إذا قلت : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم " فهذا القول كفارة؟
إذن : فالحسنات مطلقة سواء أكانت فرضاً أم غير فرضٍ، وهي تذهب السيئات. والسيئة هي عمل توعد الله سبحانه من يفعله بالعقوبة.
وتساءل أيضاً بعض العلماء : إن السيئة عمل، والعمل إذا وقع يُرفع ويُسجَّل، فكيف تُذهبها الحسنة؟
وأجابوا : إن ذهاب السيئة يكون إما عن طريق مَنْ يحفظ العمل، ويكتبه عليك، فيمحوه الله من كتاب سيئاتك، أو أن يعفو الله سبحانه وتعالى عنك ؛ فلا يعاقبك عليه، أو يكون ذهاب العمل في ذاته فلا يتأتى، وما وقع لا يرتفع ؛ أو يحفظها الله إن وقعت ؛ لأنه هو سبحانه القائل :
﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ ق : ١٨ ].
ويقول سبحانه :
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ ﴾ [ الانفطار : ١٠١١ ].
وهكذا يكون إذهاب السيئة، إما محوها من الكتاب، وإما أن تظل في الكتاب، ويذهب الله سبحانه عقوبتها بالمغفرة.