فائدة
قال الإمام السبكى :
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ لِلْقِلَّةِ مِنْ جِهَةِ الضَّمِيرِ فِي " يُذْهِبْنَ " وَلَوْ كَانَ لِلْكَثْرَةِ لَقَالَ يُذْهِبُنَّ لِأَنَّ فَعَلْنَ لِلْقِلَّةِ وَفَعَلَتْ لِلْكَثْرَةِ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إذَا تَعَرَّفَ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ يَصِيرُ لِلْكَثْرَةِ نَعَمْ يَصِيرُ لِلْعُمُومِ.
وَفَرْقٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْكَثْرَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْكَثْرَةِ لَاخْتَصَّ بِهِ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَلَمْ يُدْخِلْ مَا دُونَهَا فِيهِ.
وَالْعُمُومُ يَقْتَضِي شُمُولَ كُلِّ رُتْبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ جَمْعِ الْقِلَّةِ فَيَحْصُلُ عُمُومُ جَمِيعِ الَّتِي فِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ مِنْ ذَلِكَ، فَمَتَى فَعَلَ حَسَنَاتٍ وَسَيِّئَاتٍ أَذْهَبَتْ الْحَسَنَاتُ السَّيِّئَاتِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَمَّا عِنْدَ الْقِلَّةِ فِيهِمَا فَمَجْمُوعُ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ مَجْمُوعَ السَّيِّئَاتِ وَأَمَّا عِنْدَ الْكَثْرَةِ فِيهِمَا فَمَنْطُوقُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ جَمْعِ الْقِلَّةِ فِي الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ كُلَّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ جَمْعِ الْقِلَّةِ فِي السَّيِّئَاتِ.
وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إذْهَابُ مَجْمُوعِ الْمَرَاتِبِ الْبَالِغَةِ حَدَّ الْكَثْرَةِ مِنْ الْحَسَنَاتِ بِمَجْمُوعِ الْمَرَاتِبِ الْبَالِغَةِ حَدَّ الْكَثْرَةِ مِنْ السَّيِّئَاتِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أ هـ ﴿فتاوى السبكى حـ ١ صـ ٦٤﴾


الصفحة التالية
Icon