قال الزجاج : لام ﴿ لما ﴾ لام إن، و " ما " زائدة مؤكدة، وقال الفراء :" ما " بمعنى من كقوله :﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطّئَنَّ ﴾ [ النساء : ٧٢ ] أي : وإن كلاً لمن ليوفينهم! وقيل : ليست بزائدة بل هي اسم دخلت عليها لام التوكيد، والتقدير : وإن كلاً لمن خلق.
قيل : وهي مركبة، وأصلها لمن ما، فقلبت النون ميماً واجتمعت ثلاث ميمات، فحذفت الوسطى حكي ذلك النحاس عن النحويين.
وزيف الزجاج هذا وقال :" من " اسم على حرفين فلا يجوز حذف النون.
وذهب بعض النحويين إلى أن " لما " هذه بمعنى إلا، ومنه قوله تعالى :﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [ الطارق : ٤ ] وقال المازني : الأصل لما المخففة ثم ثقلت.
قال الزجاج : وهذا خطأ، إنما يخفف المثقل ولا يثقل المخفف.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : يجوز أن يكون التشديد من قولهم : لممت الشيء ألمه : إذا جمعته، ثم بنى منه فعلى كما قرىء :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى ﴾ [ المؤمنون : ٤٤ ] وأحسن هذه الأقوال أنها بمعنى إلا الاستثنائية.
وقد روي ذلك عن الخليل، وسيبويه، وجميع البصريين، ورجحه الزجاج ويؤيده أن في حرف أبيّ "وإن كلا إلا ليوفينهم" كما حكاه أبو حاتم عنه.
وقرىء بالتنوين : أي جميعاً.
وقرأ الأعمش "وإن كل لما" بتخفيف إن ورفع كل وتشديد لما، وتكون إن على هذه القراءة نافية ﴿ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ أيها المختلفون ﴿ خَبِيرٌ ﴾ لا يخفى عليه منه شيء، والجملة تعليل لما قبلها.


الصفحة التالية
Icon