فائدة
قال محمد بن أبى بكر الرازى :
فإن قيل : قوله تعالى ﴿ ولذلك خلقهم ﴾ إشارة إلى ماذا ؟
قلنا : هو إشارة إلى ما عليه الفريقان من حال الاختلاف والرحمة، فمعناه أنه خلق أهل الاختلاف للاختلاف، وأهل الرحمة للرحمة، وقد فسره ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ فقال : خلقهم فريقين، فريقا رحمهم فلم يختلفوا، وفريقا لم يرحمهم فاختلفوا.
وقيل : هو إشارة إلى الاختلاف، والضمير فى ﴿ خلقهم ﴾ للمختلفين ؛ واللام على الوجه الأول والثالث، لام العاقبة والصيرورة لا لام كى، وهى التى لام الغرض.
والمقصود ؛ لأن الخلق للاختلاف فى الدين لا يليق بالحكمة.
ونظير هذه اللام قوله تعالى ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾
وقول الشاعر :
لدوا للموت وابنوا للخراب.
وقيل : إنها لام التمكين والإقدار كما فى قوله تعالى ﴿ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ ﴾ وقوله تعالى ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾
والتمكين والإقدار حاصل وإن لم يكن بعض الناس فى الليل، ولم يركب بعض هذه الدواب.
ومعنى التمكين والإقدار هنا أنه سبحانه وتعالى أقدرهم على قبول حكم الاختلاف، ومكنهم منه.
وقيل : اللام هنا بمعنى " على " كما فى قوله تعالى ﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ وقوله تعالى ﴿ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا ﴾. أ هـ ﴿تفسير الرازى صـ ٢١٨ ـ ٢١٩﴾