وقال أبو حيان :
﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾
الظاهر أن كلاً مفعول به، والعامل فيه نقص، والتنوين عوض من المحذوف، والتقدير : وكل نبأ نقص عليك.
ومن أنباء الرسل في موضع الصفة لقوله : وكلاً إذ هي مضافة في التقدير إلى نكرة، وما صلة كما هي في قوله :﴿ قليلاً ما تذكرون ﴾ قيل : أو بدل، أو خبر مبتدأ محذوف أي : هو ما نثبت، فتكون ما بمعنى الذي، أو مصدرية.
وأجازوا أن ينتصب كلاً على المصدر، وما نثبت مفعول به بقولك نقص، كأنه قيل : ونقص عليك الشيء الذي نثبت به فؤادك كل قص.
وأجازوا أن يكون كلاً نكرة بمعنى جميعاً، وينتصب على الحال من المفعول الذي هو ما، أو من المجرور الذي هو الضمير في به على مذهب من يجوز تقديم حال المجرور بالحرف عليه، التقدير : ونقص عليك من أنباء الرسل الأشياء التي نثبت بها فؤادك جميعاً أي : المثبتة فؤادك جميعاً.
قال ابن عباس : نثبت نسكن، وقال الضحاك : نشد، وقال ابن جريج : نقوي.
وتثبيت الفؤاد هو بما جرى للأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولاتباعهم المؤمنين، وما لقوا من مكذبيهم من الأذى، ففي هذا كله أسوة بهم، إذ المشاركة في الأمور الصعبة تهون ما يلقى الإنسان من الأذى، ثم الإعلام بما جرى على مكذبيهم من العقوبات المستأصلة بأنواع من العذاب من غرق وريح ورجفة وخسف، وغير ذلك فيه طمأنينة للنفس، وتأنيس بأنْ يصب الله من كذب الرسول ( ﷺ ) بالعذاب، كما جرى لمكذبي الرسل.
وإنباء له عليه الصلاة والسلام بحسن العاقبة له ولأتباعه، كما اتفق للرسل وأتباعهم.
والإشارة بقوله : في هذه، إلى أنباء الرسل التي قصها الله تعالى عليه، أي النبأ الصدق الحق الذي هو مطابق بما جرى ليس فيه تغيير ولا تحريف، كما ينقل شيئاً من ذلك المؤرخون.


الصفحة التالية
Icon