وَقَالَ الْحَسَنُ : يَعْنِي الِاخْتِلَافَ فِي الرِّزْقِ : غَنِيٌّ وَفَقِيرٌ.
وَهَذَا بَعِيدٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ الْآيَةُ لِبَيَانِ الْأَدْيَانِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا، وَإِخْبَارِ اللَّهِ عَنْ حُكْمِهِ عَلَيْهَا، وَرَحْمَةِ مَنْ يَرْحَمُ مِنْهَا، فَرَجَعَ وَصْفُ الِاخْتِلَافِ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ إلَى أَهْلِ الْبَاطِلِ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدْخُلُ فِي هَذَا الْحُكْمِ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ خَرِبٍ لَدَخَلْتُمُوهُ ﴾.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ، إلَّا وَاحِدَةً.
قِيلَ : مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي ﴾.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ :﴿ إلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّك ﴾ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : بِالْهِدَايَةِ إلَى الْحَنِيفِيَّةِ.
الثَّانِي : بِالْهِدَايَةِ إلَى الْحَقِّ.
الثَّالِثُ : بِالطَّاعَةِ.
الرَّابِعُ : إلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّك ؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَكُلُّهَا اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لَا انْقِطَاعَ فِيهِ لِانْتِظَامِ الْمَعْنَى مَعَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ :﴿ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ : فِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : لِلِاخْتِلَافِ خَلَقَهُمْ.
الثَّانِي : لِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ.