وقال الآلوسى :
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
أي أنه سبحانه يعلم كل ما غاب في السموات والأرض ولا يعلم ذلك أحد سواه جل وعلا ﴿ وَإِلَيْهِ ﴾ لا إلى غيره عز شأنه ﴿ يُرْجَعُ الأمر ﴾ أي الشأن ﴿ كُلُّهُ ﴾ فيرجع لا محالة أمرك وأمرهم إليه، وقرأ أكثر السبعة ﴿ يُرْجَعُ ﴾ بالبناء للفاعل من رجع رجوعاً ﴿ فاعبده وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ فانه سبحانه كافيك، والفاء لترتيب الأمر بالعبادة والتوكل على كون مرجع الأمور كلها إليه، وقيل : على ذلك، وكونه تعالى عالماً بكل غيب أيضاً، وفي تأخير الأمر بالتوكل عن الأمر بالعبادة تنبيه على أن التوكل لا ينفع دونها وذلك لاْن تقدمه في الذكر يشعر بتقدمه في الرتبة أو الوقوع.
وقيل : التقديم والتأخير لأن المراد من العبادة امتثال سائر الأوامر من الإرشاد والتبليغ وغير ذلك ؛ ومن التوكل التولك فيه كأنه قيل : امتثل ما أمرت به وداوم على الدعوة والتبليغ وتوكل عليه في ذلك ولا تبال بالذين لا يؤمنون ولا سضق صدرك منهم ﴿ وَمَا رَبُّكَ بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ بتاء الخطاب على تغليب المخاطب، وبذلك قرأ نافع.
وأبو عامر.
وحفص.
وقتادة والأعرج.
وشيبة.
وأبو جعفر.
والجحدري أي وما ربك بغافل عما تعمل أنت وما يعملون هم فيجازي كلا منك ومنهم بموجب الاستحقاق، وقرأ الباقون من السبعة بالياء على الغيبة وذلك ظاهر، هذا وفي زوائد الزهد لعبد الله بن أحمد بن حنبل.
وفضائل القرآن لابن الضريس عن كعب أن فاتحة التوراة فاتحة الأنعام وخاتمتها خاتمة هود ﴿ وَللَّهِ غَيْبُ السموات والأرض ﴾ إلى آخر السورة، والله تعالى أعلم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon