وإن ما سموه الغرام المنحرف لم يكن إلا فى جزء صغير منها، ولم يستغرقه، بل ترددت عباراته، وقد ابتدأته ب ( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه... ، وانتهت بدخوله السجن، وهى ثمانى آيات، فيها الغرام من جانبها والاستعصام من جانبه، وباقى السورة حكمة واقتصاد وتدبير، وتعاون، ومشقة وصبر، ثم لقاء الأحباب على مائدة المودة والأخوة الودود.
فكيف تسمى سورة غرام إلا ممن انحرف عقله انحرافا منعه من استيعاب السورة.
وإن القرآن لم ينزل كله منجما، فأول سورة التوبة نزل دفعة واحدة، وأكثر سورة الاأعام نزل دفعة واحدة وسورة إبراهيم أكثرها نزل دفعة واحدة.
وإذا كان ممن تسموا باسم من الخوارح من قال هذا القول، فقد كان منهم أيضا، من أجاز نكاح البنات والأمهات والمجوس، وهم - بلا شك - كافرون كإخوانهم.
ونقول : إن أكثرهم كان مؤمنا منحرف العقل، ورضى الله عن على بن أبى طالب إذ قاتلهم، وقتل منهم مقتلة كبيرة، فقد قال بعد ذلك القتال : ألا تقاتلوهم بعدى، فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه).
إن القصص الذى فى هود وغيرها، كان فى الأرض العربية، ولم يكن فيها من غير البلاد العربية، إلا قصة موسى عليه السلام، وقد ذكر فيها طغيان فرعون، وخضوع أهل مصر له، فى نفوسهم، وأفكارهم، وعقولهم حتى ساغ له أن يقول :( ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) أما قصة يوسف عليه السلام فإنها تناولت ناحية اجتماعية، تعرضت للأسرة، وما يجرى فى داخل القصور، وتعرضت للمجتمع المصرى، وانحراف نساء الطبقة التى
تسمى راقية، ثم تعرضت للاقتصاد فى مصر، وكيف كان يدبره إلى آخر ما جاء فى السورة الكريمة، ثم صورت لقاء الأحبة بعد أن فرق الحسد فيما بينهم.
الحسد بين الإخوة فى سورة يوسف
إذا كان الحسد بين ابنى آدم قد حمل أحد الأخوين علئ أن تطوع له نفسه