عندئذ قال يعقوب ما يدل على توجسه خيفة على ولده الحبيب العزيز، وفرطت من الرجل الطاهر نبى الله كلمة اتخذوها ذريعة لستر جريمتهم، قال لهم :(... إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون. لقد ذكر أنه يخاف أن يأكله الذئب، فى غفلتهم، فلقنهم ما يستر إجرامهم، قالوا وقد وجدوا الحجة وأخفوها فى أنفسهم، (... لئن أكله الذئب ونحن غصبة إنا إذا لخاسرون وذهبوا به واجتمعوا أن يلقوه فى غيابة الجب ( فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (١٥)،
وقد ألقى الله تعالى فى روع يوسف الغلام الحبيب أنه سيعلو عليهم، وسينبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون.
بعد أن ألقوه فى الجب ( وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ (١٦) قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (١٧).
وهكذا ترى أن الأب الشفيق الكريم قال إنى أخاف أن يأكله الذئب، فقالوا ساترين جريمتهم أكله الذئب، ونبى الله تعالى لم يصدق أبناءه، بل قال بعد أن جاءوا على قميصه بدم كذب :(... قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
استراح إخوة يوسف، أو توهموا أنهم استراحوا، وعشى على قلوبهم الحسد البغيض فلم يدركوا ما صنعوا وبقيت لوعة الشيخ أبيهم تترقب ابنه، ولم يذهب عنه الأمل فى لقائه، ولم ييئس (... إئه لا يياس من روح الله إلا القوم الكافرون.
ولننظر فى قصة القرآن عما جرى ليوسف، وقد ألهمه الله تعالى الاطمئنان،