ومع استيفاء القصة لكل ملامح "الواقعية " السليمة المتكاملة وخصائصها في كل شخصية وفي كل موقف وفي كل خالجة.. فإنها تمثل النموذج الكامل لمنهج الإسلام في الأداء الفني للقصة، ذلك الأداء الصادق، الرائع بصدقه العميق وواقعيته السليمة.. المنهج الذي لا يهمل خلجة بشرية واقعية واحدة، وفي الوقت ذاته لا ينشيء مستنقعا من الوحل يسميه "الواقعية " كالمستنقع الذي أنشأته "الواقعية " الغربية الجاهلية !
وقد ألمت القصة بألوان من الضعف البشري ; بما فيها لحظة الضعف الجنسي، ودون أن تزور - أي تزوير - في تصوير النفس البشرية بواقعيتها الكاملة في هذه المواقف، ودون أن تغفل أية لمحة حقيقية من لمحات النفس أو الموقف، فإنها لم تسف قط لتنشيء ذلك المستنقع المقزز للفطرة السليمة، ذلك الذي يسمونه في جاهلية القرن العشرين "الواقعية " أو يسمونه أخيرا "الطبيعة ! ".
وظلت القصة صورة نظيفة للأداء الواقعي الكامل مع تنوع الشخصيات وتنوع المواقف:
إخوة يوسف.. والأحقاد الصغيرة في قلوبهم تكبر وتتضخم حتى تحجب عن ضمائرهم هول الجريمة وبشاعتها ونكارتها وضخامتها ! ثم تزين لهم "المحلل الشرعي ! " الذي يخرجون به من تلك الجريمة.. ملاحظا في هذا واقعيتهم في بيئتهم الدينية - وهم أولاد نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - عليهم صلواتالله وسلامه - وانطباعات هذه البيئة في تفكيرهم ومشاعرهم وتقاليدهم، وحاجتهم النفسية - من ثم - إلى مبرر للجريمة، وإلى طريقة للتحلل من نكارتها وبشاعتها: