هود ؛ ثم إن ذكر أحوال المؤمنين مع من كان معهم من المنافقين وصبرهم عليهم مما يجب أن يتقدم ويعقب بهذه القصة من حيث عاقبة الصبر والحض عليه - كما مر، فأخرت إلى عقب سورة هود عليه الصلاة والسلام لمجموع هذا - والله تعالى أعلم ؛ ثم ناسبت سورة يوسف عليه الصلاة والسلام أيضاً أن تذكر إثر قوله تعالى ﴿إنّ الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين﴾ [ هود : ١١٤ ]، وقوله ﴿واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ [ هود : ١١٥ ] وقول ﴿ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة﴾ - [ هود : ١١٨ ] الآية، وقوله ﴿وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون﴾ [ هود : ١٢١ ] فتدبر ذلك، إما نسبتها للأولى فإن ندم إخوة يوسف عليه الصلاة والسلام واعترافهم بخطاء فعلهم وفضل يوسف عليه الصلاة والسلام عليهم
﴿لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين﴾ [ يوسف : ٩١ ] وعفوه عنهم ﴿لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم﴾ [ يوسف : ٩٢ ] وندم امرأة العزيز وقولها ﴿الآن حصحص الحق﴾ [ يوسف : ٥١ ] - الآية، كل هذا من باب إذهاب الحسنة السيئة، وكأن ذلك مثال لما عرف المؤمنون من إذهاب الحسنة السيئة ؛ وأما نسبة السورة لقوله تعالى ﴿واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ فإن هذا أمر منه سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام بالصبر على قومه، فأتبع بحال يعقوب ويوسف عليهما الصلاة والسلام وما كان من أمرهما وصبرهما مع طول المدة وتوالى امتحان يوسف عليه الصلاة والسلام بالجب ومفارقة الأب والسجن حتى خلصه الله أجمل خلاص بعد طول تلك المشقات، ألا ترى قول نبينا وقد ذكر يوسف عليه الصلاة والسلام فشهد له بجلالة الحال وعظيم الصبر فقال " " ولو لبثتُ في السجن ما لبث اخي يوسف لأجبت الداعي " فتأمل عذره له عليهما الصلاة والسلام وشهادته بعظيم قدر يوسف عليهما الصلاة والسلام ﴿وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك﴾ [ هود : ١٢٠ ].