فهو مانع من استغراقهم للزمان الآتي، أدخلوا الجار فقالوا :﴿من بعده﴾ أي يوسف عليه الصلاة والسلام ﴿قوماً﴾ أي ذوي نشاط وقوة على محاولة الأمور ﴿صالحين﴾ أي عريقين في وصف الصلاح مستقيمين على طريقة تدعو إلى الحكمة بوقوع الألفة بينكم واستجلاب محبة الوالد بالمبالغة في بره وبالتوبة من ذنب واحد يكون سبباً لزوال الموجب لداء الحسد الملزوم لذنوب متصلة من البغضاء والمقاطعة والشحناء، فعزموا على التوبة قبل وقوع الذنب فكأنه قيل : إن هذا لمن أعجب العجب من مطلق الأقارب فضلاً عن الإخوة، فماذا قالوا عند سماعه؟ فقيل :﴿قال﴾ ولما كان السياق لأن الأمر كله لله، فهو ينجي من يشاء بما يشاء، لم يتعلق القصد ببيان الذي كانت على يده النجاة، فقال مبهماً إشعاراً بأنه يجب قول النصح من أيّ قائل كان، وأن الإنسان لا يحقر نفسه في بذل النصح على أيّ حال كان :﴿قائل﴾ ثم عينه بعض التعيين فقال :﴿منهم﴾ أي إخوة يوسف عليه الصلاة والسلام ﴿لا تقتلوا يوسف﴾ لا بأيديكم ولا بالإلقاء في المهالك، فإن القتل أكبر الكبائر بعد الشرك، وكأنه لم يكن في ناحيتهم تلك غير جب واحد فعرفه فقال :﴿وألقوه﴾ وكأنه كان فيه ماء ومكان يمكن الاستقرار فيه ولا ماء به، فأراده بقوله :﴿في غيابت الجب﴾ أي غوره الغائب عن الأعين، فإن ذلك كافٍ في المقصود، وإنكم إن تفعلوا ﴿يلتقطْهُ بعض السيارة﴾ جمع سيار، وهو المبالغ في السير، هذا ﴿إن كنتم﴾ ولا بد ﴿فاعلين﴾ ما أردتم من تغييبه عن أبيه ليخلو لكم وجهه ؛ والجب : البئر التي لم تطو، لأنه قطع عنها ترابها حتى بلغ الماء. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٤ صـ ١٣ ـ ١٤﴾


الصفحة التالية
Icon