ونحن على سبيل المثال عندما نتعرض لمسألة ميراث ؛ فنحن نلجأ إلى مَنْ تخصص في المواريث، ليدلنا على دقة توزيع أنصبة هذا الميراث.
وحين يؤدي المسلم من العامة فريضة الحج، فيكفيه أن يعلم أن الحج فريضة ؛ ويبحث عند بَدْء الحج عمَّنْ يُعلِّمه خُطوات الحج كما أدَّاها ﷺ.
وهذا سؤال لأهل الذكر، مثلما نستدعي مهندساً ليصمم لنا بيتاً حين نشرع في بناء بيت، بعد أن نمتلك الإمكانات اللازمة لذلك.
وهكذا نرى أن علوم الحياة وحركتها أوسع من أن يتسع لها رأس ؛ ولذلك وزَّع الله أسباب فضله على عباده، ليتكاملوا تكاملَ الاحتياج، لا تكامل التفضُّل، ويصير كل منهم مُلْتحماً بالآخرين غَصبْاً عنه.
وبعد ذلك يقول الحق سبحانه :﴿ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً... ﴾.
وبالنسبة للقرآن نجد الحق سبحانه يقول :﴿ نَزَلَ بِهِ الروح الأمين ﴾ [ الشعراء : ١٩٣ ].
فنسب النزول مرة لجبريل كحامل للقرآن ليبلغ به رسول الله ﷺ. ومرة يقول :﴿ نُزِّلَ... ﴾ [ محمد : ٢ ]، والنزول في هذه الحالة منسوب لله وجبريل والملائكة.
أما قول الحق سبحانه :﴿ أُنْزِلَ... ﴾ [ البقرة : ٩١ ]، فهو القول الذي يعني أن القرآن قد تعدى كونه مَكْنوناً في اللوح المحفوظ ليباشر مهمته في الوجود ببعث رسول الله صلى الله ﷺ.
هذا هو معنى الإنزال للقرآن جملةً واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل من بعد ذلك نجوماً متفرقة ؛ ليعالج كل المسائل التي تعرَّض لها المسلمون.
وهكذا يؤول الأمر إلى أن القرآن نزل أو نزل به الروح الأمين.
والحق سبحانه يقول :﴿ وبالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ.. ﴾ [ الإسراء : ١٠٥ ] أي : أن الحق سبحانه أنزله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم أنزله مفرقاً ليعالج الأحداث ويباشر مهمته في الوجود الواقعي.
وفي هذه الآية يقول سبحانه :


الصفحة التالية
Icon