والمعنى : والله لئن أكله الذئب، والحال : إن نحن عصبة أي جماعة كثيرة عشرة ﴿ إِنَّا إِذَا لخاسرون ﴾ أي : إننا في ذلك الوقت، وهو أكل الذئب له ﴿ لخاسرون ﴾ هالكون ضعفاً وعجزاً، أو مستحقون للهلاك لعدم الاعتداد بنا، وانتفاء القدرة على أيسر شيء وأقله، أو مستحقون لأن يدعى علينا بالخسارة والدّمار.
وقيل :﴿ لخاسرون ﴾ لجاهلون حقه، وهذه الجملة جواب القسم المقدّر في الجملة التي قبلها.
﴿ فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ ﴾ من عند يعقوب ﴿ وَأَجْمَعُواْ ﴾ أمرهم ﴿ أَن يَجْعَلُوهُ فِى غَيَابَةِ الجب ﴾ قد تقدّم تفسير الغيابة والجب قريباً، وجواب " لما " محذوف لظهوره ودلالة المقام عليه، والتقدير : فعلوا به ما فعلوا، وقيل : جوابه ﴿ قَالُواْ يأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ﴾ وقيل : الجواب المقدّر جعلوه فيها.
وقيل : الجواب :﴿ أوحينا ﴾ والواو مقحمة، ومثله قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وناديناه ﴾ [ الصافات : ١٠٣ - ١٠٤ ] أي : ناديناه ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ ﴾ أي : إلى يوسف تيسيراً له وتأنيساً لوحشته مع كونه صغيراً اجتمع على إنزال الضرر به عشرة رجال من إخوته، بقلوب غليظة فقد نزعت عنها الرحمة وسلبت منها الرأفة، فإن الطبع البشري، - دع عنك الدين - يتجاوز عن ذنب الصغير، ويغتفره لضعفه عن الدفع، وعجزه عن أيسر شيء يراد منه، فكيف بصغير لا ذنب له، بل كيف بصغير هو أخ وله ولهم أب مثل يعقوب، فلقد أبعد من قال إنهم كانوا أنبياء في ذلك الوقت، فما هكذا عمل الأنبياء ولا فعل الصالحين، وفي هذا دليل على أنه يجوز أن يوحي الله إلى من كان صغيراً ويعطيه النبوّة حينئذٍ، كما وقع في عيسى ويحيى بن زكريا، وقد قيل : إنه كان في ذلك الوقت قد بلغ مبالغ الرجال، وهو بعيد جدّاً، فإن من كان قد بلغ مبالغ الرجال لا يخاف عليه أن يأكله الذئب.