وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ أرسله معنا غداً يرتع ويلعب ﴾
فيه خمسة أوجه :
أحدها : نلهو ونلعب، قاله الضحاك.
الثاني : نسعى وننشط، قاله قتادة.
الثالث : نتحارس فيحفظ بعضنا بعضاً ونلهو، قاله مجاهد.
الرابع : نرعى ونتصرف، قاله ابن زيد، ومنه قول الفرزدق.
راحت بمسلمة البغالُ مودعاً... فارعي فزارة لا هناك المرتع
الخامس : نطعم ونتنعم مأخوذ من الرتعة وهي سعة المطعم والمشرب، قاله ابن شجرة وأنشد قول الشاعر :
أكُفراً بعد رَدّ الموت عنّي... وبعد عطائك المائة الرِّتاعا
أي الراتعة لكثرة المرعى.
ولم ينكر عليهم يعقوب عليه السلام اللعب لأنهم عنوا به ما كان مباحاً.
قوله عز وجل :﴿ قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخافُ أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ﴾
فيه قولان :
أحدهما : أنه قال ذلك لخوفه منهم عليه، وأنه أرادهم بالذئب، وخوفه إنما كان من قتلهم له فكنى عنهم بالذئب مسايرة لهم، قال ابن عباس فسماهم ذئاباً.
والقول الثاني : ما خافهم عليه، ولو خافهم ما أرسله معهم، وإنما خاف الذئب لأنه أغلب ما يخاف منه من الصحارى.
وقال الكلبي : بل رأى في منامه أن الذئب شَدّ على يوسف فلذلك خافه عليه.
﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ﴾
﴿ وأوحينا إليه ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني وألهمناه، كما قال تعالى :﴿ وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ﴾ [ القصص : ٧ ].
الثاني : أن الله تعالى أوحى إليه وهو في الجب، قاله مجاهد وقتادة.
﴿ لتنبئنهم بأمرهم هذا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه أوحى إليه أنه سيلقاهم ويوبخهم على ما صنعوا، فعلى هذا يكون الوحي بعد إلقائه في الجب تبشيراً له بالسلامة.
الثاني : أنه أوحى إليه بالذي يصنعون به، فعلى هذا يكون الوحي قبل إلقائه في الجب إنذاراً له.
﴿ وهم لا يشعرون ﴾ فيه وجهان : أحدهما : لا يشعرون بأنه أخوهم يوسف، قاله قتادة وابن جريج.
الثاني : لا يشعرون بوحي الله تعالى له بالنبوة، قاله ابن عباس ومجاهد. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٣ صـ ﴾