ثم قال تعالى :﴿والله عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ والمراد منه أن يوسف عليه السلام لما رأى الكواكب والشمس والقمر في النوم سجدت له وذكر ذلك حسده إخوته عليه واحتالوا في إبطال ذلك الأمر عليه فأوقعوه في البلاء الشديد حتى لا يتيسر له ذلك المقصود، وأنه تعالى جعل وقوعه في ذلك البلاء سبباً إلى وصوله إلى مصر، ثم تمادت وقائعه وتتابع الأمر إلى أن صار ملك مصر وحصل ذلك الذي رآه في النوم فكان العمل الذي عمله الأعداء في دفعه عن ذلك المطلوب صيره الله تعالى سبباً لحصول ذلك المطلوب، فلهذا المعنى قال :﴿والله عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾.
ثم قال تعالى :﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دراهم مَعْدُودَةٍ﴾ أما قوله :﴿وَشَرَوْهُ﴾ ففيه قولان :
القول الأول : المراد من الشراء هو البيع، وعلى هذا التقدير ففي ذلك البائع قولان :
القول الأول : قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن إخوة يوسف لما طرحوا يوسف في الجب ورجعوا عادوا بعد ثلاث يتعرفون خبره، فلما لم يروه في الجب ورأوا آثار السيارة طلبوهم فلما رأوا يوسف قالوا : هذا عبدنا أبق منا فقالوا لهم : فبيعوه منا فباعوه منهم، والمراد من قوله :﴿وَشَرَوْهُ﴾ أي باعوه يقال : شريت الشيء إذا بعته، وإنما وجب حمل هذا الشراء على البيع، لأن الضمير في قوله :﴿وَشَرَوْهُ﴾ وفي قوله :﴿وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزهدين﴾ عائد إلى شيء واحد لكن الضمير في قوله :﴿وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزهدين﴾ عائد إلى الإخوة فكذا في قوله :﴿وَشَرَوْهُ﴾ يجب أن يكون عائداً إلى الإخوة، وإذا كان كذلك فهم باعوه فوجب حمل هذا الشراء على البيع.