فقال تعالى حاكياً عنهم :﴿وجاؤوا على قميصه﴾ أي يوسف عليه الصلاة والسلام ﴿بدم كذب﴾ أي مكذوب، أطلق عليه المصدر مبالغة لأنه غير مطابق للواقع، لأنهم ادعوا أنه دم يوسف عليه الصلاة والسلام والواقع أنه دم سخلة ذبحوها ولطخوه بدمها - نقله الرماني عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ وعن مجاهد.
قال : والدم : جسم أحمر سيال، من شأنه أن يكون في عروق الحيوان، وله خواص تدرك بالعيان من ترجرج وتلزج وسهوكة، وروي أن يعقوب عليه الصلاة والسلام أخذ القميص منهم وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال : تالله ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم من هذا، أكل ابني ولم يمزق قميصه، وكان القميص ثلاث آيات : دلالته على كذبهم، ودلالته على صدق يوسف عليه الصلاة والسلام في قده من دبر، وعود البصر إلى أبيه به، فكأنه قيل : هل صدقهم؟ فقيل : لا! لأن العادة جرت في مثله أنه لا يأكله كله، فلا بد من أن يبقى منه شيء يعرف معه أنه هو، ولو كان كذلك لأتوا به تبرئة لساحتهم وليدفنوه في جبانتهم مع بقية أسلافهم، وقد كان قادراً على مطالبتهم بذلك، ولكنه علم أنهم ما قالوا ذلك إلا بعد عزم صادق على أمور لا تطاق، فخاف من أن يفتح البحث من الشرور أكثر مما جاؤوا به من المحذور، بدليل قوله بعد ذلك


الصفحة التالية
Icon