وقال ابن عطية :
﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ ﴾
" المراودة " الملاطفة في السوق إلى غرض، وأكثر استعمال هذه اللفظة إنما هو في هذا المعنى الذي هو بين الرجال والنساء ؛ ويشبه أن يكون من راد يرود إذا تقدم لاختبار الأرض والمراعي، فكان المراود يختبر أبداً بأقواله وتلطفه حال المراود من الإجابة أو الامتناع.
وفي مصحف وكذلك رويت عن الحسن : و﴿ التي هو في بيتها ﴾ هي زليخا امرأة العزيز. وقوله ﴿ عن نفسه ﴾ كناية عن غرض المواقعة. وقوله :﴿ وغلقت ﴾ تضعيف مبالغة لا تعدية، وظاهر هذه النازلة أنها كانت قبل أن ينبأ عليه السلام.
وقرأ ابن كثير وأهل مكة :" هَيْتُ " بفتح الهاء وسكون الياء وضم التاء وقرأ ابن عباس وابن أبي إسحاق وابن محيصن وأبو الأسود وعيسى بفتح الهاء وكسر التاء " هَيتِ "، وقرأ ابن مسعود والحسن والبصريون " هَيْتَ " بفتح الهاء والتاء وسكون الياء، ورويت عن ابن عباس وقتادة وأبي عمرو، قال أبو حاتم : لا يعرف أهل البصرة غيرها وهم أقل الناس غلواً في القراءة، قال الطبري : وقد رويت عن رسول الله ﷺ، وقرأ نافع وابن عامر " هِيْتَ " بكسر الهاء وسكون الياء وفتح التاء - وهي قراءة الأعرج وشيبة وأبي جعفر - وهذه الأربع بمعنى واحد، واختلف باختلاف اللغات فيها، ومعناه الدعاء أي تعال وأقبل على هذا الأمر، قال الحسن : معناها هلمَّ، ويحسن أن تتصل بها ﴿ لك ﴾ إذ حلت محل قولها : إقبالاً أو قرباً، فجرت مجرى سقياً لك ورعياً لك، ومن هذا قول الشاعر يخاطب علي بن أبي طالب :[ مجزوء الكامل ]
أبلغ أمير المؤمنين... أخا العراق إذا أتينا
أن العراق وأهله... عنق إليك فهيت هيتا
ومن ذلك على اللغة الأخرى قول طرفة :[ الخفيف ]
ليس قومي بالأبعدين إذا ما... قال داع من العشيرة هيت
ومن ذلك أيضاً قول الشاعر :[ الرجز ]


الصفحة التالية
Icon