قال أبو عبيدة تقول العرب بلغ فلان أشده إذا انتهى منتهاه في شبابه وقوته قبل أن يأخذ في النقصان وهذا اللفظ يستعمل في الواحد والجمع يقال بلغ أشده وبلغوا أشدهم، وقد ذكرنا تفسير الأشد في سورة الأنعام عند قوله :﴿حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ [ الأنعام : ١٥٢ ] وأما التفسير فروى ابن جرير عن مجاهد عن ابن عباس، ولما بلغ أشده قال ثلاثاً وثلاثين سنة، وأقول هذه الرواية شديدة الانطباق على القوانين الطبية وذلك لأن الأطباء قالوا إن الإنسان يحدث في أول الأمر ويتزايد كل يوم شيئاً فشيئاً إلى أن ينتهي إلى غاية الكمال، ثم يأخذ في التراجع والانتقاص إلى أن لا يبقى منه شيء، فكانت حالته شبيهة بحال القمر، فإنه يظهر هلالاً ضعيفاً ثم لا يزال يزداد إلى أن يصير بدراً تاماً، ثم يتراجع إلى أن ينتهي إلى العدم والمحاق.
إذا عرفت هذا فنقول : مدة دور القمر ثمانية وعشرون يوماً وكسر فإذا جعلت هذه الدورة أربعة أقسام، كان كل قسم منها سبعة أيام، فلا جرم رتبوا أحوال الأبدان على الأسابيع فالإنسان إذا ولد كان ضعيف الخلقة نحيف التركيب إلى أن يتم له سبع سنين، ثم إذا دخل في السبعة الثانية حصل فيه آثار الفهم والذكاء والقوة ثم لا يزال في الترقي إلى أن يتم له أربع عشرة سنة.
فإذا دخل في السنة الخامسة عشرة دخل في الأسبوع الثالث.


الصفحة التالية
Icon