وقال الآلوسى :
﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ ﴾
متصل بقوله سبحانه :﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ﴾ [ يوسف : ٢٤ ] الخ، وقوله تعالى :﴿ كذلك ﴾ [ يوسف : ٢٤ ] الخ اعتراض جيء به بين المعطوفين تقريراً لنزاهته عليه السلام، والمعنى لقد همت به وأبى هو واستبقا أي تسابقا إلى الباب على معنى قصد كل من يوسف عليه السلام وامرأة العزيز سبق الآخر إليه فهو ليخرج وهي لتمنعه من الخروج ؛ وقيل : المراد من السبق في جانبها الإسراع إثره إلا أنه عبر بذلك للمبالغة، ووحد الباب هنا مع جمعه أولاً لأن المراد الباب البراني الذي هو المخلص ؛ واستشكل بأنه كيف يستبقان إليه ودونه أبواب جوانيه بناءاً على ما ذكروا من أن الأبواب كانت سبعة.
وأجيب بأنه روى عن كعب أن أقفال هاتيك الأبواب كانت تتناثر إذا قرب إليها يوسف عليه السلام وتتفتح له ؛ ويحتمل أنه لم تكن تلك الأبواب المغلقة على الترتيب باباً فباباً بل كانت في جهات مختلفة كلها منافذ للمكان الذي كانا فيه فاستبقا إلى باب يخرج منه، ونصب الباب على الاتساع لأن أصل استبق أن يتعدى بإلى لكن جاء كذلك على حد ﴿ وَإِذَا كَالُوهُمْ ﴾ [ المطففين : ٣ ] ﴿ واختار موسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً ﴾ [ الأعراف : ١٥٥ ]، وقيل : إنه ضمن الاستباق معنى الابتدار فعدى تعديته ﴿ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ ﴾ يحتمل أن يكون معطوفاً على ﴿ استبقا ﴾، ويحتمل أن يكون في موضوع الحال كما قال أبو حيان أي وقدقدت، والقدّ القطع والشق وأكثر استعماله فيما كان طولاً وهو المراد هنا بناءاً على ما قيل : إنها جذبته من وراء فانخرق القميص إلى أسفله، ويستعمل القط فيما كان عرضاً، وعلى هذا جاء ما قيل في وصف علي كرم الله تعالى وجهه : إنه كان إذا اعتلى قدّ وإذا اعترض قط، وقيل، القدّ هنا مطلق الشق، ويؤيده ما نقل عن ابن عطية أنه قرأت فرقة وقط وقد وجد ذلك في مصحف المفضل بن حرب.


الصفحة التالية
Icon