ولما كانت كأنها قالت : ما سبب إيصائك لي بهذا دون غيره؟ استأنف قوله :﴿عسى أن﴾ أي إن حاله خليق وجدير بأن ﴿ينفعنا﴾ أي وهو على اسم المشتري ﴿أو نتخذه﴾ أي برغبة عظيمة إن رأيناه أهلاً ﴿ولداً﴾ فأنا طامع في ذلك.
ولما أخبر تعالى بمبدأ أمره، وكان من المعلوم أن هذا إنما هو لما مكن له في القلوب مما أوجب توقيره وإجلاله وتعظيمه، أخبر تعالى بمنتهى أمره، مشبهاً له بهذا المضمون المعلم به فقال :﴿وكذلك﴾ أي مثل ما مكنا ليوسف بتزهيد السيارة : أهل البدو تارة، وإكرام مشتريه ومنافسته فيه أخرى ﴿مكنا ليوسف في الأرض﴾ أي أرض مصر التي هي كالأرض كلها لكثرة منافعها بالملك فيها لتمكنه من الحكم بالعدل ﴿و﴾ بالنبوة ﴿لنعلمه﴾ بما لنا من العظمة ﴿من تأويل الأحاديث﴾ أي بترجيعها من ظواهرها إلى بواطنها، فأشار تعالى إلى المشبه به مع عدم التصريح به لما دل عليه من السياق، وأثبت التمكين في الأرض ليدل على لازمه من الملك والتمكين من العدل، وذكر التعليم ليدل على ملزومه وهو النبوة، فدل أولاً بالملزوم على اللازم، وثانياً باللازم على الملزوم، وهو كقوله تعالى :﴿فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة﴾ [ آل عمران : ١٣ ] فهو احتباك أو قريب منه.