وقال الماوردى :
﴿ قال هي راودتني عن نفسي ﴾
لأنها لما برأت نفسها بالكذب عليه احتاج أن يبرىء نفسه بالصدق عليها، ولو كفت عن الكذب عليه لكف عن الصدق عليها.
﴿ وشهد شاهد من أهلها ﴾ لأنهما لما تعارضا في القول احتاج الملك إلى شاهد يعلم به صدق الصادق منهما من الكاذب، فشهد شاهد من أهلها، أي حكم حاكم من أهلها لأنه حكم منه وليس شهادة.
وفيه أربعة أقاويل :
أحدها : أنه صبي أنطقه الله تعالى في مهده، قاله ابن عباس وأبو هريرة والحسن وسعيد بن جبير والضحاك.
الثاني : أنه خلق من خلق الله تعالى ليس بإنس ولا جن، قاله مجاهد.
الثالث : أنه رجل حكيم من أهلها، قاله قتادة. قال السدي وكان ابن عمها.
الرابع : أنه عنى شهادة القميص المقدود (١)، قاله مجاهد أيضاً.
﴿ إن كان قميصُه قد مِن قُبل فصدقت وهو من الكاذبين ﴾
﴿ وإن كان قميصه قد من دُبر فكذبت وهو من الصادقين ﴾ لأن الرجل إذا طلب المرأة كان مقبلاً عليها فيكون شق قميصه من قبله دليلاً على طلبه. وإذا هرب من المرأة كان مدبراً عنها فيكون شق قميصه من دبره دليلاً على هربه.
وهذه إحدى الآيات الثلاث في قميصه : إن كان قُدَّ من دبر فكان فيه دليل على صدقه، وحين جاءوا على قميصه بدم كذب، وحين ألقي على وجه أبيه فارتدّ بصيراً.
﴿ فلما رأى قميصه قُدَّ من دُبُرٍ قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم ﴾ علم بذلك صدق يوسف فصدّقه وقال إنه من كيدكن.
وفي الكيد هما وجهان :
أحدهما : يعني به كذبها عليه.
الثاني : أنه أراد السوء الذي دعته إليه.
وفي قائل ذلك قولان :
أحدهما : أنه الزوج، قاله محمد بن إسحاق.
الثاني : أنه الشاهد، حكاه علي بن عيسى.
قوله عزوجل :﴿ يوسف أعرض عن هذا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أعرض عن هذا الأمر، قال قتادة : على وجه التسلية له في ارتفاع الإثم.
الثاني : أعرض عن هذا القول، قاله ابن زيد على وجه التصديق له في البراءة من الذنب.
_________
(١) وهل القميص من أهلها ؟؟!!!.
ومثله فى الضعف والبعد القول الثانى : أنه خلق من خلق الله تعالى ليس بإنس ولا جن، فماذا يكون إذن. ؟؟!!!.
هذه أقوال مردودة لا تخفى على المتأمل. والله أعلم.