ولما كان المعنى : فنظر، بنى عليه قوله :﴿فلما رءا﴾ أي سيدها ﴿قميصه﴾ أي يوسف عليه الصلاة والسلام ﴿قدَّ من دبر قال﴾ لها وقد قطع بصدقه وكذبها، مؤكداً لأجل إنكارها ﴿إنه﴾ أي هذا القذف له ﴿من كيدكن﴾ معشر النساء ؛ والكيد : طلب الإنسان بما يكرهه ﴿إن كيدكن عظيم﴾ والعظيم : ما ينقص مقدار غيره عنه حساً أو معنى، فاستعظمه لأنه أدق من مكر الرجل وألطف وأخفى، لأن الشيطان عليهن لنقصهن أقدر، وكيدهن الذي هو من كيد الشيطان أضعفُ ضعيف بالنسبة إلى ما يدبره الله عز وجل في إبطاله ؛ ثم قال العزيز آمراً له عليه السلام مسقطاً لحرف النداء دلالة على أن قربه من قلبه على حاله :﴿يوسف أعرض﴾ أي انصرف بكليتك مجاوزاً ﴿عن هذا﴾ أي اجعله بمنزلة ما تصرف وجهك عنه إلى جهة العرض بأن لا تذكره لأحد ولا تهتم به، فإني لم أتأثر منك بوجه، لأن عذرك قد بان، وأقبل إليها فقال :﴿واستغفري﴾ أي اطلبي الغفران ﴿لذنبك﴾ في أن لا يحصل لك عقوبة مني ولا من الله ؛ واستأنف بيان ما أشار إليه بقوله :﴿إنك كنت﴾ أي كوناً جبلياً ﴿من الخاطئين﴾ أي العريقين في الخطأ بغاية القوة، يقال : خطىء يخطأ - إذا أذنب متعمداً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٤ صـ ٣٢ ـ ٣٣﴾


الصفحة التالية
Icon