وقال ابن عطية :
﴿ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ﴾
قال الطبري : المعنى : فهذا ﴿ الذي لمتنني فيه ﴾، أي هذا الذي قطعتن أيديكن بسببه هو الذي جعلتنني ضالة في هواه، والضمير عائد على يوسف في ﴿ فيه ﴾ ويجوز أن تكون الإشارة إلى حب يوسف، والضمير عائد على الحب، فيكون ذلك إشارة إلى غائب على بابه.
ثم أقرت امرأة العزيز للنسوة بالمراودة واستنامت إليهن في ذلك إذ قد علمت أنهن قد عذرنها، و﴿ استعصم ﴾ معناه : طلب العصمة وتمسك وبها وعصاني، ثم جعلت تتوعده وهو يسمع بقولها :﴿ ولئن لم يفعل ﴾ إلى آخر الآية.
واللام في قوله :﴿ ليسجنن ﴾ لام القسم، واللام الأولى هي المؤذنة بمجيء القسم، والنون هي الثقيلة والوقف عليها بشدها، و﴿ ليكوناً ﴾ نونه هي النون الخفيفة، والوقف عليه بالألف، وهي مثل قوله :﴿ لنسفعاً ﴾ [ العلق : ١٥ ] ومثلها قول الأعشى :[ الطويل ]
وصلّ على حين العشيات والضحى... ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
أراد فاعبدن.
وقرأت فرقة " وليكونن " بالنون الشديدة. و﴿ الصاغرين ﴾ الأذلاء الذين لحقهم الصغار.
وقوله تعالى :﴿ قال ربي السجن أحب إليّ ﴾، وروي أنه لما توعدته امرأة العزيز قال له النسوة : أطع مولاتك، وافعل ما أمرتك به ؛ فلذلك قال :﴿ مما يدعونني إليه ﴾ قال نحوه الحسن ووزن " يدعون " في هذه الآية : يفعلن، بخلاف قولك : الرجال يدعون.
وقرأ الجمهور " السِّجن " بكسر السين، وهو الاسم، وقرأ الزهري وابن هرمز ويعقوب وابن أبي إسحاق " السَّجن " بفتح السين وهي قراءة عثمان رضي الله عنه وطارق مولاه، وهو المصدر، وهو كقولك : الجزع والجزع.


الصفحة التالية
Icon