قال القاضي أبو محمد : وهذا قول ضعيف من معناه منكور، والبيت مصنوع مختلف - كذلك قال الطبري وغيره من المحققين، وليس عبد الصمد من رواة العلم رحمه الله.
وقوله :﴿ وقطّعن أيديهن ﴾ أي كثرن الحز فيها بالسكاكين، وقال عكرمة :" الأيدي " هنا الأكمام، وقال مجاهد هي الجوارح، وقطعنها حتى ألقينها.
قال القاضي أبو محمد : فظاهر هذا أنه بانت الأيدي، وذلك ضعيف من معناه، وذلك أن قطع العظم لا يكون إلا بشدة، ومحال أن يسهو أحد عنها، والقطع على المفصل لا يتهيأ إلا بتلطف لا بد أن يقصد، والذي يشبه أنهن حملن على أيديهن الحمل الذي كن يحملنه قبل المتك فكان ذلك حزاً، وهذا قول الجماعة.
وضوعفت الطاء في ﴿ قطّعن ﴾ لكثرتهن وكثرة الحز فربما كان مراراً.
وقرأ أبو عمرو وحده " حاشى لله " وقرأ أبيّ وابن مسعود " حاشى الله "، وقرأ سائر السبعة " حاش لله، وفرقة " حشى لله " وهي لغة، وقرأ الحسن " حاش لله " بسكون الشين وهي ضعيفة وقرأ الحسن - أيضاً - " حاش الإلاه " محذوفاً من " حاشى ". فأما " حاش " فهي حيث جرت حرف معناه الاستثناء، كذا قال سيبويه، وقد ينصب به، تقول : حاشى زيد وحاشى زيداً، قال المبرد : النصب أولى إذ قد صح أنها فعل بقولهم : حاش لزيد، والحرف لا يحذف منه.
قال القاضي أبو محمد : يظهر من مجموع كلام سيبويه والمبرد أن الحرف يخفض به لا غير، وأن الفعل هو الذي ينصب به، فهذه اللفظة تستعمل فعلاً وحرفاً، وهي في بعض المواضع فعل وزنه فاعل، وذلك في قراءة من قرأ " حاشى لله " معناه مأخوذ من معنى الحرف، وهو إزالة الشيء عن معنى مقرون به، وهذا الفعل مأخوذ من الحشا أي هذا في حشى وهذا في حشى، ومن ذلك قول الشاعر :[ المعطل الهذلي ].
يقول الذي يمسي إلى الحرز أهله... بأي الحشى صار الخليط المباين


الصفحة التالية
Icon