وعبر ب ﴿تركت﴾ موضع " تجنبت " مثلاً مع كونه لم يلابس تلك الملة قط، تأنيساً لهما واستدراجاً إلى تركهما ؛ ثم اتبع ذلك بما يدل على شرف أصله وقدم فضله بأنه من بيت النبوة ومعدن الفتوة، ليكون ذلك أدعى إلى قبول كلامه وإصابة سهامه وإفضاء مرامه، فقال :﴿واتبعت﴾ أي بغاية جهدي ورغبتي ﴿ملة آباءي إبراهيم﴾ خليل الله، وهو جد أبيه ﴿وإسحاق﴾ ابنه نبي الله وهو جده ﴿ويعقوب﴾ أبيه إسرائيل : الله.
وهو أبوه حقيقة، وتلك هي الحنيفية السمحة التي هي الميل مع الدليل من غير جمود مع هوى بوجه من الوجوه ؛ روى البخاري في التفسير وغيره عن أبي هريرة ـ رضى الله عنهم ـ قال :" سئل رسول الله ـ ﷺ ـ : أيّ الناس أكرم؟ قال : أكرمهم عند الله أتقاهم، قالوا : ليس عن هذا نسألك.


الصفحة التالية
Icon