وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ﴾
في الآيات التي رأوها وجهان :
أحدهما : قدُّ القميص وحز الأيدي.
الثاني : ما ظهر لهم من عفته وجماله حتى قلن ﴿ ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم ﴾.
﴿ ليسجننه حتى حين ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الحين ها هنا ستة أشهر، قاله سعيد بن جبير.
الثاني : أنه سبع سنين، قاله عكرمة.
الثالث : أنه زمان غير محدود، قاله كثير من المفسرين.
وسبب حبسه بعد ظهور صِدْقه ما حكى السدي أن المرأة قالت لزوجها : إن هذا العبد العبراني قد فضحني وقال إني راودته عن نفسه، فإما أن تطلقني حتى أعتذر وإما أن تحبسه مثل ما حبستني، فحبسه.
قوله عز وجل :﴿ ودخَلَ معه السجن فتيان ﴾
قال ابن عباس :
كان أحدهما خازن الملك على طعامه، وكان الآخر ساقي الملك على شرابه، وكان الملك وهو الملك الأكبر الوليد بن الرّيان قد اتهمهما بسمّه فحبسهما، فحكى مجاهد أنهما قالا ليوسف لما حُبسا معه : والله لقد أحببناك حين رأيناك، فقال يوسف : أنشدكما بالله أن أحببتماني فما أحبّني أحد إلا دخل عليّ من حبه بلاء، لقد أحبتني عمتي فدخل عليّ من حبها بلاء، ثم أحبني أبي فدخل عليّ من حبه بلاء، ثم أحبتني زوجة صاحبي العزيز فدخل عليّ من حبها بلاء، لا أريد أن يحبني إلا ربي.
وقال ﴿ فتيان ﴾ لأنهما كان عبدين، والعبد يسمى فتى صغيراً كان أم كبيراً.
﴿ قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر إني أراني أحملُ فوق رأسي خُبزاً تأكل الطير منه ﴾ وسبب قولهما ذلك ما حكاه ابن جرير الطبري أنهما سألاه عن علمه فقال : إني أعبر الرؤيا، فسألاه عن رؤياهما وفيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها كانت رؤيا صدق رأياها وسألاه عنها قال مجاهد وابن إسحاق : وكذلك صدق تأويلها. روى محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال " أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً


الصفحة التالية
Icon