وقال ابن عطية :
﴿ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾
وصفه لهما ب ﴿ صاحبي السجن ﴾ هو : إما على أن نسبهما بصحبتهما للسجن من حيث سكناه - كما قال :﴿ أصحاب الجنة ﴾ [ الأعراف : ٤٤، الحشر : ٢٠ ]، و﴿ أصحاب الجحيم ﴾ [ البقرة : ١١٩ ] ونحو هذا - وإما أن يريد صحبتهما له في السجن، فأضافهما إلى السجن بذلك، كأنه قال : يا صاحبيَّ في السجن، وهذا كما قيل في الكفار إن الأصنام شركاؤهم ؛ وعرضه عليهما بطول أمر الأوثان بأن وصفها " بالتفرق "، ووصف الله تعالى ب " الوحدة " و" القهر " تلطف حسن وأخذ بيسير الحجة قبل كثيرها الذي ربما نفرت منه طباع الجاهل وعاندته، وهكذا الوجه في محاجة الجهلة أن يؤخذ بدرجة يسيرة من الاحتجاج يقبلها، فإذا قبلها لزمته عنها درجة أخرى فوقها، ثم كذلك أبداً حتى يصل إلى الحق، وإن أخذ الجاهل بجميع المذهب الذي يساق إليه دفعة أباه للحين وعانده ؛ وقد ابتلي بأرباب متفرقين من يخدم أبناء الدنيا ويؤملهم.
وقوله :﴿ إلا أسماء ﴾ ذهب بعض المتكلمين إلى أنه أوقع في هذه الآية الأسماء على المسميات وعبر عنها بها إذ هي ذوات أسماء.


الصفحة التالية
Icon