وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يا صاحبي السجن ﴾
أي يا ساكني السجن ؛ وذكر الصحبة لطول مقامهما فيه، كقولك : أصحاب الجنة، وأصحاب النار.
﴿ أَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ ﴾ أي في الصغر والكبر والتوسط، أو متفرقون في العدد.
﴿ خَيْرٌ أَمِ الله الواحد القهار ﴾ وقيل : الخطاب لهما ولأهل السّجن، وكان بين أيديهم أصنام يعبدونها من دون الله تعالى، فقال ذلك إلزاماً للحجة ؛ أي آلهة شَتَّى لا تضر ولا تنفع.
"خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" الذي قهر كل شيء.
نظيره :﴿ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ وقيل : أشار بالتفرق إلى أنه لو تعدّد الإله لتفرقوا في الإرادة ولعلا بعضهم على بعض، وبيّن أنها إذا تفرّقت لم تكن آلهة.
قوله تعالى :﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً ﴾ بيّن عجز الأصنام وضعفها فقال :﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ ﴾ أي من دون الله إلا ذوات أسماء لا معاني لها.
﴿ سَمَّيْتُمُوهَآ ﴾ من تلقاء أنفسكم.
وقيل : عنى بالأسماء المسميات ؛ أي ما تعبدون إلا أصناماً ليس لها من الإلهية شيء إلا الاسم ؛ لأنها جمادات.
وقال :"مَا تَعْبُدونَ" وقد ابتدأ بخطاب الاثنين ؛ لأنه قصد جميع من هو على مثل حالهما من الشّرك.
﴿ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ ﴾ فحذف المفعول الثاني للدلالة ؛ والمعنى : سميتموها آلهةً من عند أنفسكم.
﴿ مَّآ أَنزَلَ الله ﴾ ذلك في كتاب.
قال سعيد بن جُبير :﴿ مِن سُلْطَانٍ ﴾ أي من حجة.
﴿ إِنِ الحكم إِلاَّ للَّهِ ﴾ الذي هو خالق الكل.
﴿ أَمَرَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾.
﴿ ذلك الدين القيم ﴾.
أي القويم ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon