وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ يا صاحبي السجين أما أحدكما فيسقي ربه خمراً ﴾
وهو الذي قال : إني أراني أعصر خمراً، بشره بالنجاة وعوده إلى سقي سيده خمراً لأنه كان ساقيه.
﴿ وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه ﴾ وهو الذي قال ﴿ إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه ﴾ فأنذره بالهلكة وكان خباز الملك، قال ابن جرير : وكان اسمه مجلثاً، واسم الساقي نبواً. فلما سمع الهالك منهما تأويل رؤياه قال : إنما كنا نلعب.
قال ﴿ قُضِيَ الأمر الذي فيه تستفتيان ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : قضي السؤال والجواب.
الثاني : سيقضى تأويله ويقع.
فإن قيل : فكيف قطع بتأويل الرؤيا وهو عنده ظن من طريق الاجتهاد الذي لا يقطع فيه؟ ففيه وجهان :
أحدهما : يجوز أن يكون قاله عن وحي من الله تعالى.
الثاني : لأنه نبي يقطع بتحقيق ما أنطقه الله تعالى وأجراه على لسانه، بخلاف من ليس بنبي.
قوله عز وجل :﴿ وقال للذي ظن أنه ناجٍ منهما اذكرني عند ربك ﴾
فيه قولان : أحدهما : يعني للذي علم أنه ناج، فعبر عن العلم بالظن، قاله ابن شجرة. الثاني : أنه ظن ذلك من غير يقين.
وفي ظنه وجهان :
أحدهما : لأن عبارة الرؤيا بالظن فلذلك لم يقطع به، قاله قتادة.
الثاني : أنه لم يتيقن صدقهما في الرؤيا فكان الظن في الجواب لشكه في صدقهما.
﴿ اذكرني عند ربك ﴾ أي عند سيدك يعني الملك الأكبر الوليد بن الريان تأميلاً للخلاص إن ذكره عنده.
﴿ فأنساه الشيطان ذكر ربِّه ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن الذي نجا منهما أنساه الشيطان ذكر يوسف عند سيده حتى رأى الملك الرؤيا قاله محمد بن إسحاق.
الثاني : أن يوسف أنساه الشياطن ذكر ربه في الاستغاثة به والتعويل عليه.
روى أبو سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ " رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قال : اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث


الصفحة التالية
Icon