قالت :﴿ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ ﴾ يعني : طلبت إليه أن يمكنني من نفسه ﴿ فاستعصم ﴾ أي فامتنع بنفسه مني ﴿ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا ءامُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ ﴾ يعني : احبسنه في السجن ﴿ وَلَيَكُونًا مّن الصاغرين ﴾ يعني : من المهانين بالسجن.
ويقال : مذللين.
وقرأ بعضهم ﴿ لَّيَكُونُنَّ ﴾ بتشديد النون وهذا خلاف مصحف الإمام.
وقراءة العامة :﴿ وَلَيَكُونًا ﴾ لأن النون الخفيفة تبدل منها في الوقف بالألف.
﴿ قَالَ رَبّ ﴾ يقول : يا سيدي ﴿ السجن أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى ﴾ النسوة ﴿ إِلَيْهِ ﴾ من العمل القبيح.
قرأ بعضهم ﴿ قَالَ رَبّ السجن ﴾ بنصب السين على معنى المصدر.
يقال : سجنته سَجْناً وهي قراءة شاذة.
وقراءة العامة بالكسر يعني : نزول بيت السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، يعني به : امرأة العزيز خاصة.
ويقال : أراد به النسوة اللاتي حضرن هناك، لأنهن قلن له : أطع مولاتك، ولا تخالفها، فإن لها عليك حقاً.
وقد اشترتك بمالها وهي تحسن إليك، وتحبك، وتطلب هواك.
فقال :﴿ رَبّ السجن أَحَبُّ إِلَىَّ ﴾ وقال بعض الحكماء : لو أنه قال : رب العافية أحَبُّ إليّ، لعافاه الله تعالى.
ولكن لما نجا بدينه، لم يبال بما أصابه في الله.
ثم قال :﴿ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنّى كَيْدَهُنَّ ﴾ يعني : إذا لم تصرف عني عملهن وشرهن ﴿ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ﴾ أي : أمل إليهن ﴿ وَأَكُن مّنَ الجاهلين ﴾ يعني : من المذنبين.
قوله تعالى :﴿ فاستجاب لَهُ رَبُّهُ ﴾ فيما دعاه ﴿ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ﴾ يعني : فعلهن، وشرهن.
﴿ إِنَّهُ هُوَ السميع العليم ﴾ يسمع لمن دعاه.
يعني :﴿ السميع ﴾ للدعاء فيما دعاه يوسف ﴿ العليم ﴾ به.
ثم إن المرأة قالت لزوجها : إن هذا الغلام العبراني لا ينقطع عني، وقد فضحني في الناس، يعتذر إليهم ويخبرهم، أنني راودته عن نفسه، ولست أطيق أن أعتذر بعذري.


الصفحة التالية
Icon