ثم دعاهما إلى الإسلام فقال :﴿ يَشْكُرُونَ ياصاحبى السجن ﴾ يعني : الخباز والساقي ﴿ مُّتَّفَرّقُونَ خَيْرٌ ﴾ أي : الآلهة وعبادتها ﴿ خَيْرٌ أَمِ ﴾ عبادة ﴿ الله الواحد القهار ﴾.
ثم قال :﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ ﴾ أي : من الآلهة ﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ياصاحبى السجن أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِى رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخر ﴾ يعني : لا عذر، ولا حجة لعبادتكم إياها، ﴿ إِنِ الحكم إِلاَّ للَّهِ ﴾ ما القضاء في الدنيا والآخرة إلا لله ﴿ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ يعني : أمر في الكتاب أن لا تطيعوا في التوحيد إلا إياه ﴿ ذلك الدين القيم ﴾ يعني : التوحيد الدين المستقيم وهو دين الإسلام الذي لا عوج فيه ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس ﴾ يعني : أهل مصر ﴿ لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ أن دين الله هو الإسلام.
ثم أخبرهما بتأويل الرؤيا، بعد ما نصحهما ودعاهما إلى الإسلام، وأخذ عليهما الحجة، فقال :﴿ يَعْلَمُونَ ياصاحبى السجن أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِى رَبَّهُ خَمْرًا ﴾ وهو الساقي.
قال له يوسف : تكون في السجن ثلاثة أيام، ثم تخرج، فتكون على عملك، وتسقي سيدك خمراً.
قراءة العامة ﴿ فَيَسْقِى ﴾ بنصب الياء.
يقال : سَقَيْتُهُ إذا ناولته.
وقرأ بعضهم ﴿ فَيَسْقِى ﴾ من أسقيته إذا جعلت له ساقياً.
يعني : تتخذ الشراب الذي يسقي الملك.
ثم بيّن تأويل رؤيا الآخر فقال :﴿ وَأَمَّا الآخر ﴾ وهو الخباز ﴿ فَيُصْلَبُ ﴾ يعني : يخرج من السجن بعد ثلاثة أيام ويصلب ﴿ فَتَأْكُلُ الطير مِن رَّأْسِهِ ﴾.
فلما أخبرهما يوسف بتأويل الرؤيا، قالا : ما رأينا شيئاً فقال لهما يوسف عليه السلام :﴿ قُضِىَ الأمر الذى فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴾ يعني : تسألان.
رأيتماها أو لم ترياها، قلتما لي، وقلت لكما، فكذلك يكون.
وروى إبراهيم النخعي عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إنهما كانا تحالما ليجرّباه.