وإنما فسرت " بال " بذلك لأن مادته - يائية بتراكيبها الخمسة : بلى، وبيل، ولبى، وليب، ويلب، وواوية بتراكيبها الستة : بول، وبلو، وولب، ووبل، ولوب، ولبو، ومهموزة - بتراكيبها الأربعة : لبأ، وبأل، وأبل وألب - تدور على الخلطة المحيلة المميلة، وكأن حقيقتها البلاء بمعنى الاختبار والامتحان والتجربة، ويكون في الخير والشر، أي خالطه بشيء يعرف منه خفي أمره ؛ قال القزاز : والفتنة تكون في الشر خاصة، والبلاء : النعمة، من قولك : أبليته خيراً - إذا اصطنعته عنده، وقد تقدم في سورة الأنفال شيء من معاني المادة، وناقة بلو سفر وبلى سفر - إذا أنضاها السفر، وإذا كانت قوية عليه، والبلوى : البلية، وأبليت فلاناً عذراً، أي جئت فيما بيني وبينه ما لا لوم فيه، أي خالطته بشيء أزال اللوم، والبلية : دابة كانت تشد في الجاهلية عند قبر صاحبها ولا تعلف ولا تسقي حتى تموت، ويقال : الناس بذي بلى وبذي بليان، أي متفرقين، كأن حقيقته أنه حل بهم صاحب خلطة شديدة فرقت بينهم، وبلى الشيء - بالكسر بلى مقصوراً وبلاء ممدوداً - إذا فنى وعطب، وبلي فلان بكذا - مبنياً للمفعول، وابتلى به - إذا أصابه ذلك ؛ والبول : ولد الرجل، والعدد الكثير، والانفجار، وضد الغائط، ولا ريب أن كلاً من ذلك إذا خالطه الحيوان أحال حاله ؛ والبال : الاكتراث والفكر والهم، ومن ذلك عندي : ما باليت به : لم أكترث به، وكذا ما أباليه بالة، وهي مصدر منه، ولم أبال به، ولم أبل، ولكنهم قلبوه من : باولت به، لئلا يلتبس بالبول - والله أعلم، وحقيقتهما : ما استعملتُ بالي الذي هو فكري فيه وإن أعمل هو فكره في أمري، أي إنه أقل من أن يفكر في أمره، ومن المعلوم أن الفكر محل الخلطة المميلة، والبال : المر الذي يعتمل به في أرض الزرع - لمشقة العمل به، والبال : سمكة غليظة تسمى جمل البحر - لأن من خالطته أحالت أمره، والبال : رخاء العيش،


الصفحة التالية
Icon