وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمَآ أُبَرِّىءُ نفسي ﴾
قيل : هو من قول المرأة.
وقال القُشَيْريّ : فالظاهر أن قوله :"ذَلِكَ لِيَعْلَمَ" وقوله :"وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي" من قول يوسف.
قلت : إذا احتمل أن يكون من قول المرأة فالقول به أولى حتى نبرّىء يوسف من حَلّ الإزار والسّراويل ؛ وإذا قدرناه من قول يوسف فيكون مما خطر بقلبه، على ما قدّمناه من القول المختار في قوله :"وَهَمَّ بِهَا".
قال أبو بكر الأنباريّ : من الناس من يقول :"ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ" إلى قوله :"إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ" من كلام امرأة العزيز ؛ لأنه متصل بقولها :"أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ" وهذا مذهب الذين ينفون الهمّ عن يوسف عليه السلام ؛ فمن بنى على قولهم قال : من قوله :"قَالَتِ آمْرَأَةُ الْعَزِيزِ" إلى قوله :"إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ" كلام متصل بعضه ببعض، ولا يكون فيه وقف تام على حقيقة ؛ ولسنا نختار هذا القول ولا نذهب إليه.
وقال الحسن : لما قال يوسف :"ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ" كره نبيّ الله أن يكون قد زكّى نفسه فقال :"وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي" لأنّ تزكية النفس مذمومة ؛ قال الله تعالى :
﴿ فَلاَ تزكوا أَنفُسَكُمْ ﴾ [ النجم : ٣٢ ] وقد بيّناه في "النساء".
وقيل : هو من قول العزيز ؛ أي وما أبرىء نفسي من سوء الظن بيوسف.
﴿ إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ بالسوء ﴾ أي مشتهية له.