وقال أبو حيان :
﴿ وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ﴾
الجهاز : ما يحتاج إليه المسافر من زاد ومتاع، وكل ما يحمل، وجهاز العروس ما يكون معها من الأثاث والشورة، وجهاز الميت ما يحتاج إليه في دفنه.
الرحل : ما على ظهر المركوب من متاع الراكب أو غيره، وجمعه رحال في الكثرة، وأرحل في القلة.
﴿ وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون.
ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين.
فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون.
قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون.
وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون ﴾ : أي جاؤوا من القريات من أرض فلسطين بأرض الشام.
وقيل : من الأولاج من ناحية الشعب إلى مصر ليمتاروا منها، فتوصلوا إلى يوسف للميرة، فعرفهم لأنه فارقهم وهم رجال، ورأى زيهم قريباً من زيهم إذ ذاك، ولأنّ همته كانت معمورة بهم وبمعرفتهم، فكان يتأمل ويتفطن.
وروي أنهم انتسبوا في الاستئذان عليه فعرفهم، وأمر بإنزالهم.
ولذلك قال الحسن : ما عرفهم حتى تعرفوا له، وإنكارهم إياه كان.
قال الزمخشري : لطول العهد ومفارقته إياهم في سن الحداثة، ولاعتقادهم أنه قد هلك، ولذهابه عن أوهامهم لقلة فكرهم فيه، ولبعد حاله التي بلغها من الملك والسلطان عن حالته التي فارقوه عليها طريحاً في البئر مشريّاً بدراهم معدودة، حتى لو تخيل لهم أنه هو لكذبوا أنفسهم.
ولأن الملك مما يبدل الزي ويلبس صاحبه من التهيب والاستعظام ما ينكر منه المعروف.
وقيل : رأوه على زي فرعون عليه ثياب الحرير جالساً على سرير في عنقه طوق من ذهب، وعلى رأسه تاج، فما خطر لهم أنه هو.
وقيل : ما رأوه إلا من بعيد بينهم وبينه مسافة وحجاب، وما وقفوا إلا حيث يقف طلاب الحوائج.