﴿ أَلاَ تَرَوْنَ أَنّى أُوفِى الكيل ﴾ أُتمُّه لكم، وإيثارُ صيغة الاستقبالِ مع كون هذا الكلامِ بعد التجهيز للدِلالة على أن ذلك عادةٌ له مستمرَّة ﴿ وَأَنَاْ خَيْرُ المنزلين ﴾ جملة حالية أي ألا ترون أني أوفي الكيلَ لكم إيفاءً مستمراً والحالُ أني في غاية الإحسانِ في إنزالكم وضيافتِكم وقد كان الأمرَ كذلك، وتخصيصُ الرؤية بالإيفاء لوقوع الخطابِ في أثنائه، وأما الإحسانُ في الإنزال فقد كان مستمراً فيما سبق ولحِق ولذلك أُخبر عنه بالجملة الاسميةِ ولم يقل عليه السلام بطريق الامتنانِ بل لحثّهم على تحقيق ما أمرهم به، والاقتصارُ في الكيل على ذكر الإيفاءِ لأن معاملته عليه السلام معهم في ذلك كمعاملته مع غيرهم في مراعاة مواجبِ العدل، وأما الضيافةُ فليس للناس فيها حقٌّ فخصهم في ذلك بما شاء.
﴿ فَإِن لَّمْ تَأْتُونِى بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِى ﴾
( من بعدُ ) فضلاً عن إيفائه ﴿ وَلاَ تَقْرَبُونِ ﴾ بدخول بلادي فضلاً عن الإحسان في الإنزال والضيافةِ وهو إما نهيٌ أو نفيٌ معطوفٌ على محل الجزاءِ، وفيه دليلٌ على أنهم كانوا على نية الامتيازِ مرة بعد أخرى وأن ذلك كان معلوماً له عليه السلام ﴿ قَالُواْ سنراود عَنْهُ أَبَاهُ ﴾ أي سنخادعه عنه ونحتال في انتزاعه من يده ونجتهد في ذلك، وفيه تنبيهٌ على عزة المطلبِ وصعوبةِ مناله ﴿ وَإِنَّا لفاعلون ﴾ ذلك غيرَ مفرِّطين فيه ولا متوانين أو لقادرون عليه لا تتعانى به. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon