أصلحهم بعدتهم وأوقر ركائبهم بما جاؤوا لأجله، ولعله عليه السلام إنما باع كل واحد منهم حمل بعير لما روى أنه عليه السلام كان لا يبيع أحداً من الممتارين أكثر من ذلك تقسيطاً بين الناس وفيما يأتي إن شاء الله تعالى من قولهم :﴿ وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ﴾ [ يوسف : ٦٥ ] ما يؤيده، وأصل الجهاز ما يحتاج إليه المسافر من زاد ومتاع، وجهاز العروس ما تزف به إلى زوجها، والميت ما يحتاج إليه في دفنه.
وقرىء بكسر الجيم ﴿ قَالَ ائتونى بِأَخٍ لَّكُمْ مّنْ أَبِيكُمْ ﴾ ولم يقل بأخيكم مبالغة في إظهار عدم معرفته لهم كأنه لا يدري من هو ولو أضافه اقتضى معرفته لإشعار الإضافة به، ومن هنا قالوا في أرسل غلاماً لك : الغلام غير معروف وفي أرسل غلامك معروف بينك وبين مخاطبك عهد فيه، ولعله عليه السلام إنما قال ذلك لما قيل : من أنهم سألوه حملاً زائداً على المعتاد لبنيامين فأعطاهم ذلك وشرط عليهم أن يأتوه به مظهراً لهم أنه يريد أن يعلم صدقهم، وقيل : إنهم لما رأوه فكلموه بالعبرية قال لهم : من أنتم فإني أنكركم؟ فقالوا : نحن قوم من أهل الشام رعاة أصابنا الجهد فجئنا نمتار فقال : لعلكم جئتم عيوناً تنظرون عورة بلادي قالوا : معاذ الله نحن إخوة بنو أب واحد وهو شيخ صديق نبي من الأنبياء اسمه يعقوب قال : كم أنتم؟ قالوا : كنا اثني عشر فهلك منا واحد، فقال : كم أنتم ههنا؟ قالوا : عشرة.
قال : فأين الحادي عشر؟، قالوا : هو عند أبيه يتسلى به عن الهالك.
قال : فمن يشهد لكم أنكم لستم عيوناً وإن ما تقولون حق؟ قالوا : نحن ببلاد لا يعرفنا فيها أحد فيشهد لنا قال : فدعوا بعضكم عندي رهينة وائتوني بأخيكم من أبيكم وهو يحمل رسالة من أبيكم حتى أصدقكم فاقترعوا فأصاب القرعة شمعون، وقيل : إنه عليه السلام هو الذي اختاره لأنه كان أحسنهم رأياً فيه، والمشهور أن الأحسن يهوذا فخلفوه عنده، ومن هذا يعلم سبب هذا القول.