إيعاد لهم على عدم الإتيان به، والمراد لا كيل لكم في المرة الأخرى فضلاً عن إيفائه ﴿ وَلاَ تَقْرَبُونِ ﴾ أي لا تقربوني بدخول بلادي فضلاً عن الإحسان في الإنزال والضيافة، وهو إما نهى أو نفي معطوف على التقديرين على الجزاء، وقيل : هو على الأول استئناف لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر.
وأجيب بأن العطف مغتفر فيه لأن النهي يقع جزاء، وفيه دليل على أنهم كانوا على نية الامتياز مرة بعد أخرى وأن ذلك كان معلوماً له عليه السلام، والظاهر أن ما فعله معهم كان بوحي وإلا فالبر يقتضي أن يبادر إلى أبيه ويستدعيه لكن الله سبحانه أراد تكميل أجر يعقوب في محنته وهو الفعال لما يريد في خليقته.
﴿ قَالُواْ سنراود عَنْهُ أَبَاهُ ﴾
أي سنخادعه ونستميله برفق ونجتهد في ذلك، وفيه تنبيه على عزة المطلب وصعوبة مناله ﴿ وَإِنَّا لفاعلون ﴾ أي إنا لقادرون على ذلك لا نتعايا به أو إنا لفاعلون ذلك لا محالة ولا نفرط فيه ولا نتوانى، والجملة على الأول تذييل يؤكد مضمون الجملة الأولى ويحقق حصول الموعود من إطلاق المسبب أعني الفعل على السبب أعني القدرة، وعلى الثاني هي تحقيق للوفاء بالوعد وليس فيه ما يدل على أن الموعود يحصل أولاً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon